إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

الأردن يحتاج مخالب وأنياب .. !!


عمان جو -
راكان السعايدة

لن تمرر "إسرائيل" قرار الدولة الأردنية إنهاء ملحقي اتفاقية وادي عربة بشأن منطقتي الباقورة والغمر بسهولة، وبدون محاولات لثنيها عن هذه الخطوة.

لذلك؛ لابدّ وأن يكون الأردن الرسمي، حسبما يفترض، تنبه مسبقا للأمر، وقدّر طبيعة الردود الإسرائيلية المحتملة، ولديه تصورات عميقة للرد عليها ومجابهتها.

ففي عالم اليوم، لا يكفي أن تكون صاحب حق لتضمن أنك منتصر، فهذا الحق يحتاج، في أحيان كثيرة، إلى أنياب ومخالب تحميه.
إن تقدير شكل ومضمون الاستجابة الأردنية، سياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا، للطريقة التي ستدير "إسرائيل" من خلالها مفاوضاتها وضغوطها على الأردن، تحتاج تحديد أدواتها وأنماط إدارتها للملف، وإدراك الظروف الدولية والإقليمية.

وهذا يتطلب أن نذكر أنفسنا بالتالي:
أولا: ليس سرا أن "إسرائيل" تحيط نفسها بتحالفات إقليمية ودولية، على رأسها الولايات المتحدة الأميركية، ستوظفها لدعم ضغطها على الأردن، وهي تحاول أن تنتزع تجديدا لاتفاقيتي الباقورة والغمر.

ثانيا: ستعمد "إسرائيل" إلى إعاقة أو خلق إرباكات، بشأن حصة الأردن من المياه، والوصاية الهاشمية على القدس، ومسألة الحدود، وتصعيد الحديث عن الكونفدرالية، وغيرها من الملفات ذات الصلة بالقضية الفلسطينية أم القضايا الأردنية.

ثالثا: سيلعب الإعلام الإسرائيلي، والإعلام الحليف لـ"إسرائيل" في الغرب، دورا في الضغط على الأردن، ويرجح أن يوجه استراتيجيته الإعلامية، باتجاهين:

الاتجاه الأول، الترويج لوجود تفاهمات سرية تحتية بين الأردن و"إسرائيل" حول الباقورة والغمر لضرب المصداقية، فضلا عن تركيز إعلامه ومنصاته للتواصل الاجتماعي للمسّ بالجبهة الداخلية، وإرباك وحدتها بالإشاعات والشائعات وإثارة الشك حول الموقف الأردني، فضلا عن "نكشه" قضايا داخلية خلافية.

والاتجاه الآخر، سيكون موجها للغرب، الرسمي والشعبي، لإقناعه بحاجة إسرائيل لهاتين المنطقتين، وأن جزءاً منها مملوك لإسرائيليين، وهو بذلك يريد تحفيز السياسيين الحلفاء في الغرب للضغط على المسؤولين هناك ليمارسوا نفوذهم، ويلقوا بثقلهم كي يقبل الأردن إعادة تأجير الباقورة والغمر.

تلك العناصر الأساسية المتوقعة للطريقة التي ستدير بها "إسرائيل" الملف، ولا شك أن العديد من الطرق والأساليب والأدوات الأخرى ستظهر خلال العام الذي يسبق انتهاء مدة التأجير.

وهو العام الذي ستتركز فيه مشاورات ومفاوضات شاقة ومعقدة بين الجانبين، وستعمل "إسرائيل" على لعب كل الأوراق التي بحوزتها، أو تلك التي ستخلقها من العدم، لتغيير الموقف والقرار الأردني عبر سحبه للبحث في تفاصيل التفاصيل لإيجاد ثغرات يمكن من خلالها أن تجد سبيلا لإعادة استئجار أراضي الباقورة والغمر.

يستدعي ذلك من الأردن سلسلة من الأمور:
أولا: إعداد ملف متماسك لقراره، ويقوم على أساس الحق الذي منحته له اتفاقية وادي عربة وملاحِقها ذات الصلة بإخطار "إسرائيل" عدم تجديد اتفاقيتي الباقورة والغمر، وكذلك تحصين هذا الحق بما يرتبه القانون الدولي والقرارات الأممية في مثل هذه الحالات.

ثانيا: أن تقوم الدبلوماسية الأردنية، بخطوات استباقية، تشرح للمسؤولين الأميركيين والأوروبيين، أن هذا حق أردني يريد استرداده وفقا لما نصت عليه الاتفاقيات ويضمنه القانون الدولي، وان على هذه الدول أن تلزم إسرائيل بالالتزام والتنفيذ دون مماطلة أو تسويف.

ثالثا: توفير كل المعلومات والمعطيات لوسائل الإعلام الأردنية كي تتمكن من مجابهة الردود الإسرائيلية السلبية، المباشرة وغير المباشرة، وكذلك انفتاح الدبلوماسية الأردنية على الإعلام الإقليمي والدولي لضمان تبنيه للقرار الأردني والرواية الأردنية بما يقطع الطريق على أي رواية إسرائيلية أو يفند أي رواية مضادة.

رابعا: الاستثمار بالموقف الشعبي الداعم بقوة لقرار جلالة الملك إنهاء ملحقي الاتفاقية، الاستثمار الذي يمكن أن يقدَّم للغرب على أن الشعب الأردني لا يمكنه أن يقبل بأي حال أن يعاد تأجير تلك الأراضي.

في السياق، صحيح أن نهاية مدة التأجير بقي عليها سنة كاملة، لكن على الأردن أن يتحسب، من الآن، لاحتمال أن ترفض إسرائيل مغادرة هذه الأراضي، وعليه أن يضع سيناريوهات محددة تعالج كل الاحتمالات، وأن يعمل مبكرا على ذلك حتى لا يصل إلى تلك اللحظة.

المسألة ليست سهلة؛ نحن نتعامل مع عدو، وقرارنا الوطني الكبير والتاريخي الذي اتخذه جلالة الملك يحتاج منا جميعا أن نُبقي الصف موحدا خلف الملك، وأن نتصدى لكل الخبث الإسرائيلي وسعيه لخلق إشكاليات أو تغذية خلافات داخلية ليصل بها أن تكون أزمات.

وهذا يتطلب، خصوصا على المستوى الشعبي، أن نرفض كل مكيدة إسرائيلية عبر وسائله ومنصاته الإعلامية، وأن نمنعه من جرنا، دون أن نشعر، إلى نقاش ما يلقيه علينا عبر تلك الوسائل والمنصات من أكاذيب وتلفيقات وإدعاءات.
ملاحظة: نشر في موقع "الرأي"..




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :