إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

هل بدا الرزاز “طيّاراً محترفاً” في مقابلته اليتيمة؟


عمان جو - فرح مرقه

 

اطلالة رئيس الوزراء الأردني الدكتور عمر الرزاز في مقابلة تلفزيونية بالشكل الذي ظهر فيه ليل الجمعة (بالأمس) تؤكد بالضرورة جزئيتين: الأولى ان اللقاء “استدراكي” وانه لم يحظى بالتخطيط والترتيب الكافيين، فالمعروف عن الرزاز انه لا يلتقي الاعلام دون أن يحمل في جعبته ما يُعلنه وما يقوله، (وهنا الحديث على أهمية إعلانه “تخفيض ضريبة المبيعات على الأغذية”) إلا انه كان في لقائه أقرب للشرح والتوضيح، منه للإعلان.

الجزئية الثانية تتمحور في ان الرجل تأكد من عدم جدوى استمراره في طريقته الهادفة للقاء الشباب في الجامعات وغيرها (والأسباب كثيرة ومتشعبة)، ليعود للاطلالة التي وصفتها الإعلامية الأردنية هبة جوهر بـ “الكلاسيكية” عبر شاشة التلفزيون الرسمي.

ظهور رئيس الوزراء- الذي كان في ديكورات البرنامج الشهير ذاتها دون تعديلها كما كان يجري مع من سبقوه، إلى جانب انه ظهر على الهواء مباشرة-، وبتوقيت حساس كان من شأنه على الأقل إزالة أي اتهام له بالنزق، أو التكبر على الشارع الأردني الذي كان قد ضرب موعداً صباح السبت (اليوم) لبدء فعاليات في الشوارع الأردنية.

كل ما ذُكر هي محاولة لقراءة “شكل” المقابلة قبل مضمونها، والذي يمكن القول فيه أن اختيار الرئيس الجلوس في برنامجٍ للتلفزيون الرسمي حاورت مذيعته عبير الزبن معظم رؤساء وزراء الملكية الرابعة، هو تأكيد من الرجل على أهمية التلفزيون الرسمي من جهة، وثانيا “إيحاء” بعدم أهلية ادواته الأخرى “الحديثة والمتطورة” في إيصال ذات الزخم.

مضمون المقابلة افتقد لإعلانٍ حقيقي وجديد إلا عن “خطة تنفيذية” ستصدر الأسبوع المقبل، الامر الذي يمكن توقّع ان الظرف الحساس فرض على الرئيس ان يظهر قبله وليس بعده، كما إعلانه عن اعفاء بعض المواد الغذائية او تقليل ضريبة المبيعات عليها، وهو ما لم يلمسه الأردنيون بعد، في الوقت الذي يحتقن فيه الأخيرون بسبب مساحة كبيرة في المقابلة استخدمها الرئيس لترويج “ضريبة الدخل”، دون أي اعلان عن تعديلات في بنوده مثل إعادة “إعفاءات الصحة والتعليم” او رفع سقف الاعفاء وغيرها.

في المقابل، ورغم صراحة الدكتور الرزاز في الحديث عن الديون والفوائد وغيرها، إلا ان الترويج، ظهرت ردود الفعل عليه باعتباره “أوقع الرجل في مطب “تكرار” جانب من تصريحات سابقيه” التي تطالب الأردنيين بالوقوف الى جانب الدولة بدلا من ان تخفض الدولة ومؤسساتها من نفقاتها لسد كل العجز، وهو (اي النفقات العالية) ما بدأ الحراك ينشر فيه أرقاماً من شأنها إرباك الحكومة أو مساعدتها، وفق ما تقرره هي.

حديث رئيس الوزراء عن العفو العام، ايضاً اثار موجة من التساؤلات حول ما يقصده الرجل بالدولة المدنية وسيادة القانون، وهو يستخدم ذات الأدوات التي تناقض المفهوم المذكور، الامر الذي يتوقع مقربون من الرزاز ان يكون الامر “مرحلياً” خصوصا وفي عهده شهد حبس عدد من الحراكيين والنشطاء في قضايا تعبير عن الرأي، يفترض ان يتم شملهم بالعفو.

سياسياً، يصرّ الرئيس الرزاز ان “يحمي الجميع” وان يظهر امام الأردنيين باعتباره الرجل القوي الصلب، رغم ان المعلومات التي حصلت عليها “رأي اليوم” والتسريبات التي تسمعها تتحدث عن “عصيّ كثيرة” في دواليب الرجل، وهو الامر الذي يمكنه ان يشرح أصلا عودته للكلاسيكية.

الرزاز لا يحمي فريقه وطاقمه وحسب وهو يقول ان “التعديل الوزاري وسيلة وليس غاية”، وانما يحمي حتى القوى التي أسهمت في شدّه للوراء سواء عبر مظلة “صندوق النقد الدولي” او حتى عبر ترك المجال امام المشاهد التي ظهرت لوزرائه في المحافظات وهم يُطردون او حتى يتم منعهم من النقاش.

المرة الوحيدة التي ظهر فيها الرزاز واضحاً مع الأردنيين في مجال “الأشواك الكثيرة في طريقه” وهو يتحدث عن الحكومة البرلمانية ويقول “سأبذل ما بوسعي ليحصل ذلك خلال عامين”. الدكتور الرزاز يعلم جيداً ان طريق الإصلاح السياسي اخطر بعشرات المرات من نظيره الاقتصادي على صعوبة الأخير، وهو بذلك يكرّس مثاله حول “طائرة الخربانة” التي عنى بها الإصلاح، حسبما نقل عنه د. محمد أبو رمان في جلسة مع نشطاء شباب، وكررها الرئيس في المقابلة.

الرئيس بكل الاحوال أيضاً، حمّل البرلمان مسؤوليات كبيرة وواقعية بالوقت ذاته، ليس فقط وهو يتحدث عن قانون ضريبة الدخل المتوقع تمريره للبرلمان، وانما حتى في حديثه عن قوانين الاحزاب والانتخاب والكسب غير المشروع، التي يتحدث الحراك عن كون نواب بعينهم مستفيدين من قصور القوانين المذكورة. في هذه الجزئية يحوّل الرئيس بذكاء الشارع للعبدلي (منطقة وجود البرلمان) بدلا من الدوار الرابع (حيث الحكومة) في احتجاجه ومساءلته. هنا طبعاً يدرك البرلمان جيداً انه على موعد مع كل الغضب الشعبي في اي لحظة يحيد فيها عن مصالح الاردنيين، خصوصا مع رئيس وزراء كاريزماتي لا يزال الشارع يتحدث عنه بنبرة “لو لم نستفد منه لن يضرّنا”.

على صعيد السياسية الخارجية، يظهر الرئيس بوضوح وهو يتجنب الحديث في الأمر، الذي يُصنع تاريخياً في مؤسسة القصر، حين تساءلت الزميلة الزبن عن “ثمن تدفعه عمان بسبب مواقفها”، فيخرج الرزاز بسلام من السؤال وهو يؤكد ان عمان تدفع، ويشير الى ان جوهر وجوده هو في كيفية تحويل عمان لدولة منتجة اكثر من لوم “الحلفاء والأصدقاء”.

تخطيطياً، بخلاف ما تم تداوله حول حديث الرجل عن خطة لعامين باعتباره “مبالغة منه” في التفاؤل في بقائه لعامين، الا ان “رأي اليوم” استمعت الى وجهة نظر مثيرة تتحدث عن السبب الذي يجعل رجلا لا يُختلف على استراتيجيته وعلمه وقوّته في الجوانب التخطيطية والاكتوارية، يُكتفى منه بخطة لعامين (العامين هو العمر الافتراضي لحكومة الرجل اذ قد ترحل بحل مجلس النواب- ان تم حله- وولايته بقي لها عامين)، بل على العكس فمثله يفترض ان يقوم على خطة استراتيجية كاملة، يتم تكريسها كنهج حتى لو لم يستمر هو بمنصبه.

لا يزال الرزاز أيضاً وفي سياق التحليل يبحث عن “ضوء نهاية النفق” وبدا في لقائه الأخير وهو ولأول مرة منذ استلامه يدرك ان الشارع الأردني تصعب عليه رؤيته، وهو الامر الذي حذا به ليتحدث عن تشاؤم الشارع وطلبه منه الانتظار ليستطيع السير والانجاز.

المقابلة، بكل الأحوال مهمة وضرورية وفق كل من شاهدها ومن استمعت لتقييمهم “رأي اليوم”، خصوصا وانها قلّلت من الاحتقان الاني الداعي للنزول للشارع السبت، الامر الذي لا يوجد أي ضمانات في استمرارية تخفيفه اذا ما أخفقت الحكومة في ان يلمس الأردنيون خطواتها.

في انصاف المقابلة، لا يمكن المرور على ان شخصية المحاوِرة الانيقة عبير الزبن وقوتها، طغت احياناً على شخصية الرزاز الكاريزماتية والواضحة أيضا، حيث ظهرت الزبن (مُحاوِرة الرؤساء) بأسئلة مرتبة ومحاور واضحة والاهم بحُرقة كانت بادية في صوتها واسئلتها.الراي اليوم 




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :