إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

” ميديا بارت ” : في ذكراها الخامسة .. شبح مجزرة رابعة لايزال يُخيم على مصر


عمان جو -

في تقرير مطول بمناسبة مرور خمسة أعوام على مجزرة رابعة العدوية التي اعقبت الانقلاب على الرئيس المصري السابق محمد مرسي، قال موقع ” ميديا بارت ” الإخباري الفرنسي إن شبح هذه المجزرة الرهيبة’’ -التي ارتكبها نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي-لا يزالُ يُخيم على مصر، موضحاً أنه رغم أنّ المئات قتلوا خلال عملية فض الاعتصام في ميدان رابعة العدوية يوم ـ 14 آب/ أغسطس 2013، إلا أنّه لم تتمّ إلى اليوم إدانة أيا من المسؤولين، بل على العكس من ذلك، حُكم بالإعدام مؤخراً على العشرات من الذين أوقفوا في ذلك اليوم.

“ميديا بارت” أشار إلى أنه من أجل ضمان حماية مطلقة لقادة الجيش والشرطة، تبنى البرلمان المصري يوم الــ 17 يوليو/تموز الماضي، قانوناً ينص على حصانة قضائية لبعض الضباط وكبار المسؤولين في الجيش والشرطة. هذه الحصانة تنطبق على جميع أعمالهم في سياق واجباتهم بين يوليو/تموز عام 2013 ويناير/كانون الثاني عام 2016 -أي الفترة التي أطاح الجيش فيها بالرئيس محمد مرسي، بعد عام فقط من انتخابه ديمقراطيًا.

بعد ذلك بنحو عشرة أيام، أصدرت محكمة في القاهرة 75 حكمًا بالإعدام خلال “محاكمة جماعية’’ لــ 713 متهم، غالبيتهم من جماعة الاخوان المسلمين، كان قد ألقي القبض على معظمهم يوم ـ14 أغسطس/آب عام 2013، أثناء فض ميدان رابعة العدوية.

العلاقة بين القرارين سالفيْ الذكر، وإن كان لا يمكن تحديدُها بشكل مباشر، لكنها وللأسف تبدو ملموسة، بالنسبة إلى كلّ من يعرف وجه مصر المعاصرة، وفق الموقع الاخباري الفرنسي، مشيراً في الوقت ذاته، إلى البيان الذي أصدرته، يوم الإثنين الماضي، سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، وأوضحت فيه أنه: “بعد خمس سنوات من مجزرة رابعة العدوية، اقتصر رد السلطات المصرية الوحيد على محاولة ابعاد مرتكبي تلك الجرائم عن العدالة’’، منددةً أيضا بـ “صمت حلفاء مصر’’.

مجزرة استمرت 12 ساعة

“ميديا بارت “، عاد إلى وصف ما جرى في يوم 14 آب/ أغسطس 2013 أثناء فض اعتصام ميدان رابعة العدوية، الذي تم بالتزامن مع نهاية شهر رمضان والاحتفال بعيد الفطر المبارك، حيث نقل الموقع الإخباري الفرنسي عن فاطمة، وهي طالبة كانت في الميدان أثناء فضه من قبل القوات المصرية، قولها: “اقتحموا الميدان وحولوه إلى ساحة حرب، حيث قاموا بدهس المعتصمين بعرباتهم المدرعة’’. كما أنهم (القوات المصرية) لم يتردّدوا في “إلقاء القنابل المسيلة للدموع وسط المعتصمين، الذين قُدّر عددهم بنحو 5 آلاف شخص، قبل أن يشرعوا بإطلاق الرصاص الحي من المباني الحكومية القريبة من المكان، وذلك من دون سابق انذار. وكان ذلك بداية لمذبحة استمرت 12ساعة ’’، وفق ما ذكر عمر شاكر، الباحث في “هيومن رايتس ووتش”، ومُعد تقرير نُشر عام 2014 حول تلك الأحداث. وتقول فاطمة إن إحدى هذه الرصاصات أصابت صديقتها وأدت إلى وفاتها مباشرة.

وبفضل الصور الرهيبة للمجزرة التي تم تناقلها عبر التلفزيونات والانترنت لم يكن بمقدور السلطات اخفاء حقيقة ما حدث مساء يوم 14 آب/ أغسطس 2013 في ميدان رابعة العدوية، حيث أظهرت أشرطة فيديو لهواة أكوامًا من الجثث ووجوهًا متورمة بفعل الرصاص والاعتقالات الجماعية وعنف الشرطة، وهي مشاهدٌ دفعت مراسلُ صحيفة “نيويورك تايمز″، ديفيد كيركباتريك، إلى الحديث عن “سياسة الأرض المحروقة’’، مشيراً إلى “سقوط مئات القتلى والجرحى من جراء إطلاق النار على الرأس والصدر’’. لكن موقع ” ميديا-بارت ” اعتبر أنّ جزءاً من صورةُ ذاك المشهد لا يزالُ قاتماً، ويتعلق الأمر بالكيفية الدقيقة التي تم بها فض اعتصام رابعة والحصيلة الفعلية لضحاياه.

منظمة “هيومن رايتس ووتش “غير الحكومية، خَلُصت استناداً إلى الأدلة التي جمعتها، إلى أن 817 شخصاً على الأقل قد قُتلوا خلال فض اعتصام رابعة العدوية. يُضاف إلى هذه الحصيلة، حصيلة أخرى من الوفيات التي حددها بعض النشطاء المحليين الذين كانوا موجودين في عين المكان، بالإضافة إلى بعض الناجين من المجزرة.

“عمليات القتل هذه، لا تشكل انتهاكات خطيرة للقانون الدولي و لحقوق الإنسان فحسب ، بل قد تشكل جرائم ضد الإنسانية ، بالنظر إلى طبيعتها العامة والمنظمة’’، يقولُ الموقع الإخباري الفرنسي، مشيراً إلى أنّه بالإضافة إلى هذا العدد الكبير من القتلى، تم أيضا اعتقال أكثر من 800 شخص واختفاء عدة مئات آخرين ، مما أدى إلى مخاوف من وقوع أكثر من 1100 ضحية.”

شلل المجتمع الدولي

وتابع “ميديا-بارت ” القول إنه رغم كل هذه الوقائع، لا يزال المجتمع الدولي مشلولا أمام مجزرة رابعة التي تُعد إحدى أسوأ المجازر في التاريخ المعاصر. إذ تبدو الدول الغربية، بما فيها فرنسا، مرتبكة حول الموقف الذي يجب اعتماده أمام قوة عسكرية عنيفة في مصر، تقاتل الإخوان المسلمين الذين يعتبرهم الكثيرون في أوروبا عدوًا سياسيًا. لذلك كانت ردود الفعل الدولية خجولة ولم يتم فرض أي عقوبة على نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي في أعقاب مجزرة رابعة. فوحدها الولايات المتحدة الأمريكية التي جمدت لبعض الوقت المساعدات العسكرية الممنوحة كل عام لمصر (1.2 مليار دولار).

أمام تغاضي المجتمع الدولي عما حصل، سرعان ما قام النظام المصري بتقديم الضحايا على أنهم الجلادون، مصوراً الإخوان المسلمين على أنهم عصابة مدججة بالسلاح، متحالفة مع الجهاديين ومستعدة لحرق البلد للحفاظ على السلطة. لكن الموقع الاخباري الفرنسي، شدد على أنه رغم تأكيدات النظام المصري ومناصريه لحمل واستخدام المعتصمين في ميدان رابعة للسلاح، غير أن جميع الشهود الذين استجوبهم الموقع الاخباري، من صحافيين ومراقبين كانوا موجودين في ميدان رابعة أثناء عملية فض الاعتصام وفي الأيام التي سبقتها، يؤكدون أنهم لم يروا أي سلاح. فقد أكد جاسر عبد الرازق، الباحث في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، الذي زار الموقع عدة مرات إن: “الاعتصام في ميدان رابعة كان منظماُ، وأنّ المعتصمين لم يكونوا جميعهم من جماعة الاخوان المسلمين أو المتعاطفين مع الرئيس محمد مرسي، بل إن الحضور كان متنوعا للغاية، وتوحدهم فقط عزيمتهم على الدفاع عن الديمقراطية بكل سلمية ’’.

“ميديا بارت “، نقل عن دبلوماسي فرنسي متخصص في المنطقة، قوله إن: “أحداث رابعة هي الخطيئة الكبرى للنظام المصري الحالي’’. وقد شكلت نقطة انطلاق لعملية قمع طويل وعنيف ضد الإخوان المسلمين، الذين تم تصنيفهم في الــ 25 من ديسمبر 2013 “منظمة إرهابية’’ من قبل العدالة المصرية. ومنذ ذلك الحين، أحصت المنظمات ما بين 17 ألف و 60 ألف سجين سياسي، مستنكرة في نفس الوقت اللجوء المنتظم إلى التعذيب كوسيلة لإسكات كل صوت معارض للنظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي.

 

 




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :