إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

جلالة الملك: حين أنظر في وجوه أبناء وبنات شعبي .. فانني أرى القلق في عيونهم


 عمان جو - بدأت في العاصمة البريطانية بمشاركة جلالة الملك عبدالله الثاني وقادة وممثلي نحو 70 دولة ومنظمة في العالم، اليوم الخميس، أعمال مؤتمر لندن للمانحين "دعم سوريا والمنطقة"، في مسعى لمساعدة المتضررين من الأزمة السورية، وفي مقدمتهم الدول المستضيفة للاجئين السوريين.

ووجه جلالة الملك عبدالله الثاني كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، الذي يناقش الإجراءات الهادفة إلى دعم الدول المستضيفة للاجئين السوريين، وفي مقدمتها الأردن، لتمكينها من تحمل أعباء تقديم الخدمات الإنسانية والإغاثية لهم، وإيجاد حلول تمويلية ميسرة طويلة الأمد من شأنها تلبية احتياجات هذه الدول على المدى البعيد.

وقال جلالته في خطابه بالمؤتمر:

السيد رئيس الوزراء ديفيد كاميرون،

سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح،

المستشارة أنجيلا ميريكل،

رئيسة الوزراء إرنا سولبيرغ،

الأمين العام بان كي مون،

أتقدم بداية بجزيل الشكر للمملكة المتحدة ولشركائكم على استضافة هذا المؤتمر، الكويت وألمانيا والنرويج والأمم المتحدة بالطبع، وعلى قيادة هذا الجهد المهم.

رغم أننا نلتقي اليوم في هذا المؤتمر للمانحين تحت شعار "دعم سوريا والمنطقة"، إلا أنني على قناعة أن اجتماعنا يتجاوز في أهدافه قياس مستوى استعدادنا لتقديم المساعدة والدعم فقط.

ففي هذه المرحلة التاريخية المهمة، ونحن نواجه أشد الأزمات الإنسانية مأساوية، يأتي لقاؤنا الذي يعد اختبارا لعزيمتنا وقدرتنا على القيام بالعمل الصحيح.

تدخل الأزمة السورية عاما سادسا قاسيا، ويتواصل سفك الدماء والمعاناة الإنسانية بلا توقف. لقد اتخذت تداعيات الأزمة طابعا دوليا، لتشكل تحديا أمام التحالفات الاقتصادية والسياسية، ولتثير أسئلة حول أسس التعاون القائمة، ولتولد ضغوطا على القيم الاجتماعية التي تربط مجتمعنا الإنساني بأسره.
أصدقائي،

إن الأساليب التقليدية لمعالجة الأزمات ما عادت، وبكل وضوح، ناجعة في مواجهة التحديات الخطيرة التي نواجهها. وعليه، فنحن بحاجة إلى عمل أوسع نطاقا وأكثر جرأة.

يتقدم الأردن وشركاؤه في العالم، اليوم، باقتراح نهج جديد يستجيب لأزمة طال أمدها، عبر اجتراح حلول مستدامة. وهذا النهج الشمولي، الذي نقترحه، يرتكز على الاستثمار وتحفيز النمو، وليس الاتكاء فقط على المساعدات والإغاثة. إنه نهج يعطي الأولوية لتمكين اللاجئين واعتمادهم على الذات، بدلا من الاتكال على المساعدات؛ نهج يجمعنا كشركاء: دولا وأقاليم وقطاعا خاصا ومؤسسات مالية دولية لبناء نموذج عمل فعال ومستدام.

وهنا، علينا أن نجيب على السؤال التالي: لماذا يجدر منح الأردن أهمية خاصة دون دول العالم الأخرى المحتاجة للدعم؟

الأردن ليس بلدا فقيرا يطلب الدعم، بل هو بلد معطاء، وكريم بسخاء. لكن لكم أن تتخيلوا لو أن الأردن تصرف بطريقة مغايرة، ولم يسمح للاجئين بدخول بلدنا على مدار العقود الماضية. ماذا سيكون أثر ذلك على المنطقة الآن، وعلى السلم والأمن العالميين؟

نعيش اليوم واقعا مفاده أن واحدا من كل خمسة أشخاص يعيشون في الأردن هو لاجئ سوري، وهو ما يوازي استيعاب المملكة المتحدة لسكان بلجيكا جميعا. إن استضافة اللاجئين السوريين تستنزف أكثر من ربع موازنة الأردن.

وفي حين نجد أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الذين يفوق حجم اقتصاديهما مجتمعين اقتصاد الأردن ألف ضعف تقريبا، يكافحان للتعامل مع قرابة مليون لاجئ، نجد بلدنا الصغير قد استوعب، ولوحده، 3ر1 مليون لاجئ تقريبا، ناهيك عن غيرهم ممّن لجأوا للمملكة هرباً من حروب الخليج، والصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، والنزاع في ليبيا واليمن وأزمات أخرى. ولنضف إلى كل ذلك الأقليات المسيحية ممن لجأوا إلى الأردن هرباً من الاضطهاد.

لقد ضربت الموجة الأولى من اللاجئين السوريين الأردن في أعقاب الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية، والاضطرابات التي صاحبت الربيع العربي في المنطقة. وفي مواجهة كل هذه التحديات، قام الأردن، و كعهده دائما، بما هو صحيح.

إن ما نبديه من كرم تجاه ضيوفنا هو ترجمة لقيمنا الأردنية الأصيلة، فيما تعزى قدرتنا على الصمود إلى ما نتمتع به من منعة وقوة لتدارك الصعاب، وهو ما مكننا من حفظ بلادنا آمنة ومستقرة. وهذه القيم هي نفسها التي مكنت الأردن من الاستجابة لنداء الاستغاثة من جيراننا في محنتهم، وتلبية نداء المجتمع الدولي كذلك. وعليه، فقد انضم الأردن لدول أكبر وأكثر قدرة منا بكثير في جهود حفظ السلام وغيرها من المهمات الإنسانية.

وأكاد أجزم هنا أنه لا توجد دولة نامية أخرى ساهمت أكثر من الأردن في حفظ الأمن العالمي. فقد بدأت معركتنا ضد الإرهاب قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر بفترة طويلة، وهي مستمرة اليوم وبعزيمة لا تلين. إن مساهمتنا وتمسكنا بمبادئ السلام والاعتدال هي أمور ثابتة لا تتزعزع، وكذلك هو تصميمنا على الاستمرار في الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، فهو راسخ وعميق أيضاً. ونحن نؤمن بأهمية تمكين القطاع الخاص وتوسيع دوره. فمن خلال دعم الأعمال الريادية والاستثمارات، سنتمكن من إطلاق الفرص لمستقبل أفضل للأردنيين والأردنيات. إننا لا ندعي الكمال، ولكننا نبذل قصارى جهدنا لمواجهة ظروف في غاية التعقيد.

وفي هذه الأيام الصعبة، وحين أنظر في وجوه أبناء وبنات شعبي، فإنني أرى القلق في عيونهم والإنهاك من تحمل تبعات الأزمات. وعليه، أقول لكم جميعا: لقد وصلنا إلى حدود طاقتنا القصوى على التحمل. وبحديثي إليكم اليوم، فإنني أمثل شعبي الأردني، وأمنهم ورفاههم قمة أولوياتي. ولسوف يستمر بلدنا بفعل ما بوسعه لمساعدة المحتاجين، لكن ذلك لن يكون على حساب قوت شعبنا ورخائه.

وكما سبق وقال صديقي الرئيس ]الأمريكي السابق بيل[ كلينتون: "فإنه لا ينبغي أن يُعاقب الأردن لقيامه بما هو صحيح". والآن جاء الوقت المناسب والحاسم لكي يتخذ العالم موقفا جادا ومنصفاً تجاه الأردن، موقفا يتجاوز مجرد تقديم العون الذي لا يكاد يفي باحتياجاتنا الأساسية، وبالكاد يمكننا من الاستمرار.

إنكم، وبدخولكم في هذه الشراكة مع الأردن وبدعمكم لجهود استجابتنا لأزمة اللاجئين، فأنتم لا تقومون فقط بتأمين المساعدة الضرورية للملايين، بل إنكم تساعدون بلدي على الاستمرار في القيام بما هو صحيح: وهو تحمل مسؤولية مهمة على مستوى الإقليم، نيابة عن العالم أجمع.

إن هذا الجهد يمثل استثمارا لبناء الأمل في منطقة بات الشعور فيها بالأمل أمرا نادرا. وعليه، يمكننا اليوم، ومن هذا المكان تحديداً، اتخاذ موقف سياسي يدعم الاستقرار في المنطقة، ويثبت إصرارنا وعزيمتنا على العمل معا.
أشكركم.


ويستضيف الأردن على أراضيه نحو 3ر1 مليون لاجئ سوري، 10 بالمئة منهم فقط يتواجدون بالمخيمات، ما شكل أعباء متزايدة على المملكة، خاصة في البنية التحتية وقطاعات الصحة والتعليم والمياه والطاقة.

وتنظم لندن المؤتمر، الذي يستمر يوما واحدا، إلى جانب ألمانيا والنرويج والكويت والأمم المتحدة، لمناقشة أكبر أزمة إنسانية في العالم، تحتاج إلى تخطيط يتعدّى إرسال الأموال إلى التفكير جديا بإعادة الإعمار.

وكانت الحكومة البريطانية تعهدت، قبيل بدء المؤتمر اليوم الخميس، بتقديم مساعدات إنسانية إضافية للمتضررين من النزاع السوري تصل قيمتها إلى 74ر1 مليار دولار بحلول عام 2020.

وستمكن قرارات المؤتمر الدول المستضيفة للاجئين من الحصول على الدعم للتخفيف من أعباء اللجوء السوري على أراضيها. وكانت الدول المنظمة أعلنت عن انعقاد للمؤتمر نتيجة ارتفاع حدة معاناة الشعب السوري، والقلق من تدني مستوى تقديم الدعم رغم نداءات الأمم المتحدة الإنسانية.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :