إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

إنتصار الكف الفلسطيني على المخرز الإسرائيلي الرافعة الأردنية مظلة إسناد


عمان جو - حمادة فراعنة

هؤلاء هم رجال الدين الذين فهموا الشعب ، ولهذا إحترمهم ، عبروا عن إرادته ، عقيدته ، والدفاع عن شرفه وعرضه ووطنه ، لا أولئك الذين يصيغون للحكام تسلطهم وهزالهم ويدافعون عن هزائمهم ، لأنهم مجرد موظفون بعمائم ، ولا أولئك الذين دمروا الدين والوطن بالتطرف والقتل والتصفيات الجسدية ، عبر داعش والقاعدة ومن معهم ، ووضعوا الدين والوطن وكأنهما في خندقين متصادمين ، وجاء الرد على طرفي الخنوع والتطرف بالصوت الفلسطيني الفاعل على الأرض في مواجهة العدو الذي لا عدو لنا سواه : المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي .
هؤلاء هم الذين قادوا إنتفاضة الحرم ، والأقصى ، والشعب ضد البوابات ، وضد التهويد والأسرلة ، وضد مشروع الإحتلال برمته ، وهؤلاء الذين سمعوا صوت الناس ، الشارع ، ونصتوا للمسيسيين ، لليسار كما للمحافظين ، للبواسل كما للواقعيين ، لأبناء القدس كما لأبناء 48 ، هم القادة الجدد الذين ركّعوا نتنياهو الذي تبجج وقال للصحفيين خلال رحلة الطائرة إلى أوروبا " أمرت بنصب بوابات الكترونية " على مداخل الحرم لبسط أمنه وسيادته الإحتلاليه على أقدس مقدسات المسلمين ، رداً على عملية أولاد جبارين من أم الفحم ، بقتل الشرطيين قرب ساحة الحرم .
عملية 14 تموز كانت خلافية في تقييمها ، ولكنها كافية لإحداث الهزة للمكان والوئام والتنسيق ، ووضعت الجميع أمام المواجهة ، الشعب الفلسطيني بقواه الحية المتجددة النبيلة من أهل القدس ومناطق 48 من طرف ، في مواجهة مباشرة مع حكومة نتنياهو وأحزابها الأئتلافية من طرف أخر ، بل في مواجهة المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي برمته وجبروته وتطرفه الذي يسعى لإستكمال الأنقضاض على ما تبقى من كرامة وعقيدة ورمز للفلسطينيين .
وضع نتنياهو البوابات الإلكترونية على مداخل الحرم القدسي الشريف بإعتبارها " الرد الصهيوني المناسب والعادل ولا رجعة عنها " ، ذلك لأن " الصراع على الحوض المقدس هو صراع على بلادنا " ، كما وصف ذلك الوزير السابق عوزي برعام ، مستهتراً بكل ما يفعله نتنياهو وحكومته .
فماذا كانت حصيلتها ؟
تماسك الفلسطينيون ، توحدوا ، تفاعلوا ، من جديد ، فمنذ متى ؟؟ منذ أيام الإنتفاضة الأولى عام 1987 ، التكامل الإجتماعي ، الطبخ الجماعي ، التبرعات المالية والعينية من قبل التجار ، العائلات قدمت خدماتها ، الشباب تطوعوا بحملات التنظيف لأماكن الأعتصام حول الحرم ، التلاحم المسيحي الإسلامي ، الإندماج الفلسطيني بين قادة 48 وقادة القدس ، محمد بركة ، الحركة الإسلامية ، قادة التجمع ، الشيوعيون مع القوميين في خندق واحد ، لقضية واحدة ، مع قادة الأوقاف البواسل ، مع الصامدين والصامدات ، المرابطون والمرابطات ، لقاء بهيج ، وفتاوي عملية واقعية لمواجهة العدو الواحد : الإحتلال وأدواته وأجهزته وتقنيته ، وإنتصرت اليد الفلسطينية النظيفة على المخرز الإستعماري الصهيوني المسموم .
تلك كانت نتائج الفعل الفلسطيني على القرار السياسي والأمني الإسرائيلي لخصها الكاتب الصحفي الإسرائيلي حامي شيلو في هآرتس يوم 26/ تموز بقوله :
" حكومة إسرائيل تراجعت ، تنازلت ، إنكسرت ، وهُزمت وأهُينت ، خضعت بدون شروط ، وركعت على ركبتيها ، وتم ضبطها وبنطالها ساحل إلى أسفل ، وغادرت وذيلها بين أرجلها ، وأضعفت إسرائيل وأضرت بمكانتها " ، ولخصها كاتب صحفي إسرائيلي متمكن بمقالة عنوانها " هزيمة الغرور " .
صوتت الحكومة الأمنية السياسية المصغرة على إزالة البوابات بواقع 9 ضد 3 ، والتفسير لذلك كما قال أحد الوزراء " لم يكن ممكناً تجاهل ما يقوله رجال الأمن " فالجيش والمخابرات ضد إجراءات وقرارات نتنياهو عن الحرم ومحاولة تغيير الواقع السائد منذ خمسين عاماً ، منذ عام 1967 .
حاولوا إستبدال البوابات بالكاميرات ، فأزالوا البوابات وأبقوا الكاميرات ، وكان الرد واقعياً وذكياً وحكيماً من قادة القدس ، دعونا نقيم ، دعوا الخبراء الفلسطينيين يقرأوا ، وكانت النتيجة والقرار أن الكاميرات لا تقل سوءاً عن البوابات وسنواصل المشوار ، مشوار المعاندة ضد الإحتلال ، ضد محاولات الهيمنة والسيطرة على بوابات الحرم ، كجزء من " السيادة الإسرائيلية " وهي حصيلة مرفوضة وستواجه بمواصلة الإعتصام للإسبوع الثالث على التوالي ، بدءاً بعملية الجمعة لأولاد أم الفحم من عائلات جبارين عام 1948 ، وتواصلت مع عملية محمد العبد يوم الجمعة 21 / تموز من كوبر الفلسطينية ، وإندمج الدم مع الوطن ، لتغذية شجرة الحرية والكرامة ولإبقاء الكرامة مرفوعة مع علم فلسطين ، خفاقاً كما يريد ، كما يستحق ، كما يجب أن يكون ، وتراجعت حكومة نتنياهو قبل جمعة الغضب الفلسطينية يوم 28 تموز .
الفلسطينيون فهموا الدرس ، تعلموه وأنجزوا فيه ، ولم يكن بعيداً عن الغطاء الأردني بأعلى مستوياته ، من رأس الدولة جلالة الملك حتى طاقم مكتبه المستنفر ، إلى دبلوماسية الإتصالات التي قادها أيمن الصفدي بحنكة ودراية وهدوء .
عوامل الإنتصار تكاملت ، جهد فلسطيني صلب على الأرض ، رافعة أردنية مساندة ، وتضامن عربي من وزراء الخارجية إلى النواب حتى مجلس الأمن وفرت غطاء للصامدين ، للمرابطين والمرابطات وجزءاً كبيراً منهم ، هم من موظفي الأوقاف الأردنية ، إلى قادة الحرم محمد حسين ،عكرمة صبري ، عبد الحفيظ سلهب وعدنان الحسيني ، وفصائل العمل السياسي الذين إندمجوا وتلهفوا وتوحدوا ، في أتون المواجهة تحت إدارة " عقلية غاندي " الفلسطينية التي سبق وأن هزمت بريطانيا العظمى ، ها هي تهزم " إسرائيل " المتفوقة .
معركة الحرم القدسي الشريف ليست المعركة الأولى ولن تكون الأخيرة في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي التدريجي متعدد المراحل ، سينتهي بإنتصار الحق والعدالة ، بإنتصار فلسطين وهزيمة إسرائيل ، مهما طال الزمن وتعددت الأدوات وقست الظروف ، تلك هي محصلة المنطق والحياة ونتائج حركة التاريخ .
h.faraneh@yahoo.com
* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية.

 

 




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :