إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

ذكرى غزوة بدر .. نموذج للصبر في شهر الرحمة


عمان جو - واحة الايمان
مجد الصمادي- تمثل غزوة بدر التي توافق ذكرى وقوعها اليوم السابع عشر من رمضان المبارك مفترق طرق في تاريخ الدعوة الاسلامية والسيرة النبوية، اذ تعد اول لقاء عسكري حاسم للمسلمين للدفاع عن دينهم الحنيف ونموذجا لقوة عقيدة المسلمين وتضحياتهم في سبيل الله سبحانه وتعالى.

علماء في الشريعة قالوا ان هذه الغزوة اظهرت اهمية الصبر في الحياة والذي جسده صحابة رسول الله عليه افضل السلام تجسيدا عمليا يدل على حقيقة تربية النبي لأصحابه، مشيرين الى ان هذه الغزوة المفصلية في تاريخ المسلمين شكلت مدلولا لما يمكن للمسلم الصائم الصابر ان يقدمه من قوة وإصرار على النصر والنجاح في سبيل الله سبحانه وتعالى حيث كانت خير نموذج للعزيمة والصبر، اذ وقعت في شهر رمضان للسنة الثانية للهجرة وهو العام الاول الذي فرض فيه الصيام على المسلمين وشرعت فيه صلاة العيد.

استاذ الفقه واصوله في كلية الشريعة بالجامعة الاردنية الدكتور عبدالله الكيلاني قال، ان غزوة بدر الكبرى هي اول معركة بين المسلمين والمشركين بعد هجرة النبي الى المدينة المنورة حيث أعز الله سبحانه وتعالى بهذه الغزوة الاسلام رغم قلة العدد والعدة وكثرة المشركين وسلاحهم إلا ان العزة والنصر كان للمسلمين.

واشار الى ان غزوة بدر عنوان للتضحية والصبر والإيمان، ففيها كسرت شوكة الشرك، وكانت فارقة حق، أكرم الله سبحانه وتعالى بها النبي والمسلمين بالنصر والعزة، موضحا ان للنصر اسبابا يتحقق بها اولها الالتزام بأمر القيادة وعدم الخلاف، اضافة الى الشورى في اتخاذ القرار وعدم التفرد والاستعداد للجندية.

واضاف ان الله سبحانه وتعالى فرّق في هذه الغزوة بين الحق والباطل، فكانت نواة لتشكيل دولة اسلامية يعترف بها العدو وتم فيها انتصار المظلومين الذين صبروا مدة طويلة على الايذاء حين اخرجوا من ديارهم قسرا.

وقال استاذ الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور منذر زيتون ان غزوة بدر الكبرى أو يوم الفرقان، وقعت بين المسلمين الذين كانوا قد شكلوا دولتهم الأولى الحديثة، وبين بقايا المشركين من قريش الذين لم يرضهم نشوء دولة للدين الجديد، فالتقى الجيشان، وكان عدد المسلمين 300 وبضعة عشر رجلًا، وعدد قوات قريش بلغ 1000 رجل، أي بما يزيد عن ثلاثة أضعاف جيش المسلمين، ومع ذلك انتهت المعركة بفوز الجيش الفتي وانهزام فلول قريش، وكان عدد من قُتل من قريش 70 رجلًا وأُسِرَ منهم 70 آخرون، أما المسلمون فلم يُقتل منهم سوى 14 رجلًا.

واشار الى ان هذا الانتصار كان مهماً جداً للمسلمين، فهي المعركة الحقيقية الأولى التي يخوضونها، وقد انتصروا فيها ما أعطاهم الثقة بأنفسهم وقوى ثقتهم بالله تعالى، وكان هذا الانتصار بمثابة ترسيخ لأركان الدولة الناشئة، وتجسيد لقوة جديدة أرغمت العرب ومن حولهم من الدول والجماعات أن ينظروا إليها نظرة مختلفة عما توقعوه، فهؤلاء ليسوا مجرد مهاجرين هربوا من مكة إلى حيث الأمان، وإنما هؤلاء قوم لهم رسالة آمنوا بها، وبدأوا يتفانون من أجل ضمان استمرارها وانتشارها، وأنهم تجسيداً لذلك على استعداد لأن يبيعوا أرواحهم في سبيلها، ثم إن هذا النصر فتح المجال للمسلمين من أجل نشر الدعوة إلى المناطق الأخرى ولاسيما أن الناس سيكونون أكثر اطمئنانا نحو الإسلام بعد هذا التوفيق والانتصار وسيكونون أكثر قبولاً لسماع رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو فعلاً ما أدى إلى انتشار الإسلام بعدها انتشاراً واسعاً ملأ آفاق الأرض كلها.

ولفت الى ان هناك الكثير من الدروس من الغزوة وليست العبرة بالعدد وإنما هو بإيمان المقاتلين بالفكرة، وتمسكهم بهدفهم، وقبل كل ذلك توفيق الله تعالى، بدليل أن المسلمين انتصروا رغم عددهم القليل وعدتهم الضعيفة على جيش له خبرة وفيه عدد كبير وعدة من بينها 200 فارس.

واشار الى ان النبي صلى الله عليه وسلم ابتكر أسلوبًا جديدًا في منازلة الأعداء يتمثل في نظام الصفوف، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ)، وقد كانت العرب تقاتل بأسلوب الكرّ والفرّ، وهو الأسلوب المعهود بينهم، فعمد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ابتكار أسلوب الصفوف.

واضاف ان المسلم لا يخشى الموت في سبيل الله تعالى، وأنه يجاهد لينال إحدى الحسنيين، النصر أو الشهادة، ولذلك لا يستسلم ولا يتقاعس، بدليل أن قريشاً وقع منهم 70 رجلاً أسرى، ولم يقع من المسلمين أي أسير.

واوضح انه يمكن الاستفادة من الظروف البيئية المحيطة أثناء قتال العدو، فالنبي صلى الله عليه وسلم سبق إلى أرض المعركة قبل القتال بيوم، وقصد أن ينظم جيش المسلمين بحيث تكون الشمس خلفهم، ودفع العدو ليكون بمواجهة الشمس ليكون ذلك مساعداً في التأثير عليهم وعلى أبصارهم بما يرهقها ويكون عاملاً في عدم تركيزهم اضافة الى أهمية رفع الروح المعنوية للجنود والدعاء واللجوء إلى الله تعالى اللذين يعتبران أحد الأسلحة الفتّاكة في مواجهة الأعداء.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :