إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

على قد لحافك


عمان جو - بقلم عبدالهادي راجي المجالي
حين كنت طفلا , سمعت مثلا يقول :- (ع قد لحافك مد رجليك) ..وأنا كان لدي لحاف ( أبيض) صغير , يبدو أنه في الماضي كان كبيرا ولكن نتيجة غسل الصوف الذي بداخله , ونتيجة قيام أمي بغسل الوجه أيضا لابد أنه (كمش ) مع الأيام ..
ولأني الأصغر في العائلة , رضيت بأصغر لحاف ...أتذكر أن الأوامر كانت تأتيني في الطفولة على الشكل الاتي :- (جيب لحافك وانخمد) ..كنا أشبه بثكنة عسكرية فالنوم له أمر محدد ووقت محدد , ولأننا كنا مجتمعا إشتراكيا بالفطرة , كانت أمي أحيانا تقوم بفرد لحافي , من أجل تقطيع أوراق الملوخية ..وأتذكر أنهم ذات مرة وفي وليمة كبيرة , قاموا (بلف) طنجرة رز ضخمة فيه من اجل الحفاظ على سخونته , وأنا لم أكن أعترض فالروح الإشتراكية كانت تسود عائلتنا كما قلت .
في أيام الصيف , كنت أحب الإنطلاق , لم يكن لدينا (ماكدونالدز) ..لم يكن لدينا حدائق مليئة بالألعاب , كنت أحب فقط ..أن أمشي في الشوارع مع أقراني , علنا نحظى بالليل الجديد ...علنا نحظى بوجه جديد , أو أنثى تعبر الشارع على غفلة من هدوء الكرك ...ولكن أبي كان صارما , فهو يعتبر خروجي في الليل , وسيلة خطيرة لإختيار سور بعيد وممارسة التدخين بجانبه , وقد وشا أحد أقران السوء بذلك لأبي ذات يوم , وصار اتهاما جاهزا لي , مع أنه كان احيانا يغفو على الكرسي والسيجارة بجانبه دون أن يدري وأكملها أنا.. ويصحو دون إحساس بما حدث .
لهذا كان دائما يقول لي حين يشعر بأني أريد الهروب :- ( جيب لحافك وانخمد) ...ثم يعقبها بجملة :- (أبو الدخان) ..
كبرت ودخلت الجامعة وتخرجت , وعملت في الصحافة , ولحافي ظل من مقتنيات أمي التي رفضت التخلي عنها , فقد كانت تقول لي أنه من الصوف وأن (تنجيده ) ..متقن .
في بلادي صدقوني أنا ليست لدي مشكلة مع الحكومة , ولايوجد لي مشكلة مع الأسعار , ولا مع المقاطعة ...في بلادي لدي مشكلة مع (لحافي) فلم يعد يتسع لأقدامي , وأنا أريد مدها فردها ...ولن أسمح لأحد أن يقول لي مرة أخرى :- (على قد لحافك مد رجليك ) ...
لقد صغر اللحاف , وأقدامي أصبحت أطول ..ولن أعيش تحت مظلة جملة بالية أطلقها أهلنا , وكانت أساسا ..للتحجر والخوف والتردد وهي :- (ع قد لحافك مد رجليك) ...
ليكن بالمعلوم , هذا المساء سأحرق (اللحاف) ..
نقلا عن الراي




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :