" فن الترويح "
عمان جو - محمد عدنان كنعان
تعتقد العلوم الإنسانية بما فيها الإدارة والاقتصاد والنفس بتربع مجموعة من الحاجات التي يهدف إلى إشباعها جميع الموظفين المتواجدين في المستويات الادارية وهي : الادارة العليا ، والادارة الوسطى ، والادارة التشغيلية ، ولعل الأمان الوظيفي يعتلي كل حاجات الموظف أهميةً ؛ كونه ممر العبور لإشباع الحاجات الأخرى. فماذا نعرف عما يسمى بالأمان الوظيفي في دول العالم الثالث ؟ وما مدى أخذه بعين الإعتبار والسعي لتوفيره للموظفين من قبل المنظمات التي يعملون بها ؟
رغم ارتفاع منسوب البطالة وزيادة عرض النقد في الآونة الأخيرة ، إلاّ أنّ انعدام واندثار وانقراض الأمان الوظيفي يعود لفترة طويلة الأمد ، ولكن المشكلات الاقتصادية ساهمت بدثره إلى ما تحت الأراضين ، حيث بات "الترويح" من العمل كألعاب اليانصيب (يمكن اه ويمكن لا ..)، أو كلعبة قطف الوردة ( بتحبني ..ما بتحبني..بتحبني ..ما .. )، أو كالموت ( يمكن اليوم ويمكن بكره ) حسب التساهيل ، ونحن هنا نقصد الموظفين العاملين في المنظمات المصنفة في القطاع الخاص " المزنقلين " ، فالسيارة والشقة والعروس وفرصة العمل كلها متوفرة حتى الآن " متوفرة حتى لو انها بالديون "، فهل ندعهم في سعة من عيْشهم ؟! أم نكدّر عليهم الساعة التي عملوا بها معنا ؟ الجواب بالنسبة لإدارات تلك المنظمات يعتمد على ما يلي :
- وفرة السوق بالأيدي العاملة.
- وفرة الخبرات والمهارات الكافية لإشغال الوظائف.
- مدى صرامة القوانين الرادعة لتسريح الموظفين.
وفي الكثير من الحالات يتم تحقيق الشروط الثلاثة أعلاه ، فالأيدي العاملة " على قفى مين يشيل " ، أما الخبرات فحدث ولا حرج عن تواجدها في الشركات المنافسة مثلاً ، والاستقطاب سهل للغاية ، فما على الشركة الباحثة عن موظف بديل سوى تطبيق خطة 4-4-2 ، وهي خطة منح عرض وظيفي يتضمن زيادة الراتب فـ " الدراهم مراهم" منذ الأزلْ ، وأما موضوع القوانين الرادعة فحلها أبسط من كل ما سبق ، ويتمثل بتطبيق حذافير القانون وهو تعويض الموظف المراد تسريحه بـِ " كم راتب " "وهيك الجماعة بالسليم " "والفرد أبو شقة وسيارة بالجحيم"
.
وتصبح عملية " الترويح " مجانية في حال امتلاك الشركة فروعاً في أكثر من مدينة ، فما على الموظف سوى أن يستيقظ من سباته صباحاً ، ويمتطي دابته ( تاكسي 11 يعني كعّابي ، أو باص ، أو تاكسي حقيقي ) ويستمع إلى ما يذاع في المذياع من فيروزيات الصباح ، وهو يستلُّ قهوته كفارسٍ ، ثم يشرع باب الشركة مردداً على الحاضرين من قبله:
" - صباح الخيرات..
- فيجاب : صباح التنقلات ..
- وين ؟
- عالعقبة...
- مسامحكو..
- تعال..وك تعا..شكلو روّح ..".
أما عن الأسباب التي تجعل من الترويح فناً يشتهي أرباب العمل أو من ينوب عنهم تطبيقه ، فالتالي وبكل موضوعية وشفافية هو السبب:
الموظف "مش مدعوم" ، الموظف " ما بعرف يهز ذنب" ، الموظف ارتكب أخطاء في العمل ، ربما لم يكن أول المخطئين ، لكن من سبقه بارتكاب ذات الخطأ كان عفوياً ، وصديقنا على ما يبدو أخطاءه "كانت مقصودة".
عمان جو - محمد عدنان كنعان
تعتقد العلوم الإنسانية بما فيها الإدارة والاقتصاد والنفس بتربع مجموعة من الحاجات التي يهدف إلى إشباعها جميع الموظفين المتواجدين في المستويات الادارية وهي : الادارة العليا ، والادارة الوسطى ، والادارة التشغيلية ، ولعل الأمان الوظيفي يعتلي كل حاجات الموظف أهميةً ؛ كونه ممر العبور لإشباع الحاجات الأخرى. فماذا نعرف عما يسمى بالأمان الوظيفي في دول العالم الثالث ؟ وما مدى أخذه بعين الإعتبار والسعي لتوفيره للموظفين من قبل المنظمات التي يعملون بها ؟
رغم ارتفاع منسوب البطالة وزيادة عرض النقد في الآونة الأخيرة ، إلاّ أنّ انعدام واندثار وانقراض الأمان الوظيفي يعود لفترة طويلة الأمد ، ولكن المشكلات الاقتصادية ساهمت بدثره إلى ما تحت الأراضين ، حيث بات "الترويح" من العمل كألعاب اليانصيب (يمكن اه ويمكن لا ..)، أو كلعبة قطف الوردة ( بتحبني ..ما بتحبني..بتحبني ..ما .. )، أو كالموت ( يمكن اليوم ويمكن بكره ) حسب التساهيل ، ونحن هنا نقصد الموظفين العاملين في المنظمات المصنفة في القطاع الخاص " المزنقلين " ، فالسيارة والشقة والعروس وفرصة العمل كلها متوفرة حتى الآن " متوفرة حتى لو انها بالديون "، فهل ندعهم في سعة من عيْشهم ؟! أم نكدّر عليهم الساعة التي عملوا بها معنا ؟ الجواب بالنسبة لإدارات تلك المنظمات يعتمد على ما يلي :
- وفرة السوق بالأيدي العاملة.
- وفرة الخبرات والمهارات الكافية لإشغال الوظائف.
- مدى صرامة القوانين الرادعة لتسريح الموظفين.
وفي الكثير من الحالات يتم تحقيق الشروط الثلاثة أعلاه ، فالأيدي العاملة " على قفى مين يشيل " ، أما الخبرات فحدث ولا حرج عن تواجدها في الشركات المنافسة مثلاً ، والاستقطاب سهل للغاية ، فما على الشركة الباحثة عن موظف بديل سوى تطبيق خطة 4-4-2 ، وهي خطة منح عرض وظيفي يتضمن زيادة الراتب فـ " الدراهم مراهم" منذ الأزلْ ، وأما موضوع القوانين الرادعة فحلها أبسط من كل ما سبق ، ويتمثل بتطبيق حذافير القانون وهو تعويض الموظف المراد تسريحه بـِ " كم راتب " "وهيك الجماعة بالسليم " "والفرد أبو شقة وسيارة بالجحيم"
.
وتصبح عملية " الترويح " مجانية في حال امتلاك الشركة فروعاً في أكثر من مدينة ، فما على الموظف سوى أن يستيقظ من سباته صباحاً ، ويمتطي دابته ( تاكسي 11 يعني كعّابي ، أو باص ، أو تاكسي حقيقي ) ويستمع إلى ما يذاع في المذياع من فيروزيات الصباح ، وهو يستلُّ قهوته كفارسٍ ، ثم يشرع باب الشركة مردداً على الحاضرين من قبله:
" - صباح الخيرات..
- فيجاب : صباح التنقلات ..
- وين ؟
- عالعقبة...
- مسامحكو..
- تعال..وك تعا..شكلو روّح ..".
أما عن الأسباب التي تجعل من الترويح فناً يشتهي أرباب العمل أو من ينوب عنهم تطبيقه ، فالتالي وبكل موضوعية وشفافية هو السبب:
الموظف "مش مدعوم" ، الموظف " ما بعرف يهز ذنب" ، الموظف ارتكب أخطاء في العمل ، ربما لم يكن أول المخطئين ، لكن من سبقه بارتكاب ذات الخطأ كان عفوياً ، وصديقنا على ما يبدو أخطاءه "كانت مقصودة".