إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

هل تكفي 43 روحاً ثمناً لإنهاء خطورة البرك الزراعية ؟!


 عمان جو - انتظر عبدالكريم العشيبات ابنه أحمد 10 أعوام، وحفيده عبدالرحمن 11 عاماً، بعد أن خرجا للعب ولم يعودا، وبعد ستة أيام كانت الكارثة.

عبدالكريم الذي فقد طفلين، سبقت دموعه لسانه، وهو يروي تفاصيل مأساة تسببت بها برك موت منتشرة في المزارع، والتجمعات السكنية، بعيدة عن المراقبة، وفاقدة لأبسط إجراءات السلامة.

يقول العشيبات: خرج عبدالرحمن وأحمد للعب، وفي العادة لا يتأخرا عن الساعة الخامسة، الأجواء باردة، غابت الشمس ولم يعودا.

سألت ابنتي إن زاروها، فأجابت: رأيتهم عند الثالثة عصراً، يكمل العشيبات بحزن: يلعبون بأداة لصيد العصافير (النقيفة)، بحثت حول المنزل، سألت من هم حولي إن شاهدوا أحدهما، لا اثر لهما، أحمد وعبد الرحمن، أين أنتما؟.
عند السابعة مساءً أبلغ الأمن، بدأت عمليات البحث، مدعومة بكلاب الأثر، ومُسحت المنطقة بطائرة، وتدخلت فرق غوص الدفاع المدني، ولم يمسكوا بطرف خيط.

في اليوم السابع اكتشف العشيبات أن فأس الموت اقتلعت شجرة سعادته من جذورها، عندما أبلغه شقيقه في اتصال هاتفي أن أحمد وعبدالرحمن توفيا، وهما الآن على سطح بركة محاذية لمسجد المنطقة.

وكان العثور على جثتيهما صدفة، حين ضخّ المزارع الماء في البركة، فارتفع منسوب المياه، وتحركت الرواسب التي علقا بها، فارتفعا إلى السطح.

برك زراعية لا تعد ولا تحصى، منتشرة في مختلف أنحاء المملكة، تمدد الموت على حوافها، وأصبحت شبحاً يغتال أرواح الأبرياء، تحديداً الأطفال.

وفي الوقت الذي أكدت فيه جهات عدة نشاطها التوعوي والتثقيفي عن قضية خطيرة ضحاياها بالعشرات، وفق إحصائيات الدفاع المدني، نفى مواطنون وجود الرقابة، أو حتى الحد الأدنى لإجراءات السلامة العامة.

وكشفت جولة ميدانية على عشرات البرك، في غوري المزرعة والصافي، أن أربع برك فقط محاطة بما يحذر منها، ويدل على خطر الاقتراب.

43 روحاً حصدتهاالتجمعات المائية في 2015
العشيبات واحدة من عشرات العائلات التي خطفت التجمعات المائية أرواح أبرياء منها، وفق إحصائيات الدفاع المدني.

وأكدت إدارة الإعلام والتثقيف في المديرية العامة للدفاع المدني أن كوادرها تعاملت مع 104 حالات غرق في العام 2015، مشيرة إلى أن عدد الوفيات بلغ 43، فيما بلغ عدد الإصابات 61.

وأشارت إلى أن الدفاع المدني يضع نقاط غوص في المناطق المائية العامة، مؤكدة أن البرك الزراعية تجمعات مائية خاصة، يصعب وضع نقاط لها، بحكم انتشارها الواسع.

وأضافت أن التعامل مع التجمعات المائية بوضعها الحالي يقتضي وضع حبال نجاة داخلها، إضافة إلى تغطيتها بشبك حديدي، يحد من خطورتها.

مواطنون: أطفالنا في خطر
أخبار جثث الأطفال المُنتشلة التي تتصدر بيانات الدفاع المدني، حبست عائلات في بيوتها، وجعلت أخرى تفكر بشكل جدي بالرحيل.

وغياب المحاسبة، وشح الضمير في التعاطي مع القضية الخطيرة، جعل الأطفال في مناطق البرك الزراعية في خطر، وفق مواطنين، وصفوا الوضع بـ «المخيف»، وانتقدوا غياب مراقبة سلطة وادي الأردن للمزارع.

وقال أحد مزارعي غور المزرعة : إن الرقابة غائبة منذ أكثر من ثلاث سنوات، مشيراً إلى أنه لا توجد شروط سلامة عند حفر البرك، ولا محاسبة للمخالفين.

وأضاف واصفاً التساهل الكبير: «ولا أسهل منها، كل راس مالها لودر ومشمع بلاستك وهيك صار عندك بركة».
ولا يجرؤ أحمد في منطقة غور الصافي، على اصطحاب أبنائه إلى مزرعته، لخوفه من برك مجاورة، مؤكداً أنها على مستوى الأرض، ويصعب حماية الأطفال منها.

وقال أحمد : إن مزارعين ومواطنين يترحمون على الفترة التي كانت فيها جمعية المتقاعدين العسكريين مسؤولة عن رقابة البرك.

وأضاف: الأطفال لا يقدرون خطورة البرك على حياتهم، ولا ما تحويه من جراثيم وأمراض.

مكاره صحية
وكي يوفروا أجرة تسميد التربة، يعمد مزارعون إلى وضع السماد العضوي في البرك، بحسب مواطنين، لفتوا إلى أن آخرين يربون فيها الأسماك، لتتحول إلى مكاره صحية، أو أشبه بحاويات القمامة، على حد وصفهم.

وأكدوا أن الروائح الكريهة المنبعثة من البرك شفطت أوكسجين الحياة، وجعلت التجمعات السكنية مسرحاً للحشرات الناقلة للأمراض.

وتابعوا: في أحد الأيام اشتم سكان المنطقة رائحة كريهة، وعند البحث وجدنا ضبعاً ميتاً في إحدى البرك الزراعية.

وزارة الزراعة: لا تشريع
يسمح بمحاسبة المخالفين
مسؤولية بدت غائبة في تصريحات الجهات المعنية بالقضية، فوزارة الزراعة تؤكد أنها تضع شروطاً لحفر البرك، لكنها أخلت مسؤوليتها بما يتعلق في المراقبة والمحاسبة.

وقال الناطق الإعلامي في وزارة الزراعة الدكتور نمر حدادين : نضع شروطاً لإنشاء البرك الزراعية، من تشييك البركة، ووضع إشارات إرشادية، وساتر ترابي.

واضاف حدادين أن المراقبة مسؤولية متصرف اللواء أو المحافظ من خلال لجنة السلامة العامة في المنطقة.

في السياق، أكدت مصادر مطلعة في الوزارة، عدم تسجيل مخالفات بحق أصحاب البرك الزراعية في العام 2015، وأن مسؤولية المراقبة ليست محددة بجهة معينة.

ولا تشريع يسمح للوزارة بمحاسبة المخالفين، وفق مدير زراعة وادي الأردن المهندس عبدالكريم شهاب، الذي أكد أن المخالفة من صلاحيات الحاكم الإداري في المنطقة.

نظام الحماية لم يوضع بعد
غياب المحاسبة، والتشريعات والأنظمة الكفيلة بحماية المواطنين، أكده كلام أمين عام سلطة وادي الأردن المهندس سعد أبو حمور.

وقال أبو حمور: إن السلطة بصدد وضع نظام يحمي المزارعين والمواطنين، من خطورة التجمعات المائية المنتشرة.

وأكد أن السلطة بدأت حملة توعوية شاملة، انطلقت من منطقة الشونة الشمالية، مشيراً إلى الاستعانة بالمدارس والأهالي، لإيصال الرسائل المهمة المتعلقة بخطورة الاقتراب من البرك والتجمعات المائية.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :