إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية
  • الرئيسية
  • أخبار ساخنة

  • هيئة مكافحة الفساد…تراجع ملموس في «الردع الوقائي» وتساؤلات حرجة بعنوان «لماذا انتقلت للظل؟»

هيئة مكافحة الفساد…تراجع ملموس في «الردع الوقائي» وتساؤلات حرجة بعنوان «لماذا انتقلت للظل؟»


عمان جو - بسام البدارين

 

 بقصد أو بدونه يسلط رئيس الوزراء الأردني الدكتور هاني الملقي الضوء الساطع على الذراع البيروقراطية الأهم في مكافحة الفساد في البلاد عندما يعد البرلمان بتحويل «مخالفات» وردت في تقرير ديوان المحاسبة إلى هيئة مكافحة الفساد.

منذ أكثر من عام لم يسمع الرأي العام الأردني شيئاً عن تلك الهيئة التي طالما اعتبرت منجزاً إصلاحياً كبيراً بالمستوى الوطني لكنها انتقلت مؤخراً إلى الظل تماماً بصورة مبالغ فيها ولم تعد بصمتها لافتة على الأقل على الصعيد الإعلامي والسياسي مع أنها قد تكون الذراع الأهم الذي حقق في الماضي العديد من المنجزات.

عندما تأسست الهيئة منحها الوزير والجنرال السابق سميح بينو حضوراً وطنياً ليس فقط عبر الاهتمام بمتابعة القضايا والملفات.

ولكن الأهم غير مشاركته شخصياً ورفاقه في مجلس الهيئة بالاشتباك النقاشي من خلال ورش العمل والمؤتمرات والملخصات الإعلامية والمحاضرات التثقيفية وتوفير القدرة على تقديم إجابات عن جسم دستوري وقانوني جديد أخضع فعلاً نخبة من علية القوم وتقبله الناس ومنح الرقابة الحكومية جرعة قوية من الحضور والتأثير.

بعد بينو اختلفت المعايير فالهيئة التي ينبغي لها ان تتصدر عندما يتعلق الأمر بالمعادلة العميقة ما بين «الإجراء الوقائي الرادع» ومصالح الدولة وبدون إثارة وشخصنة، هذه الهيئة تتوارى إعلامياً عن الأنظار في هذه المرحلة والأسباب لا زالت غامضة.

الرئيس الجديد للهيئة وهو بكل حال أحد ألمع ضباط القوات المسلحة من المتقاعدين وأكثرهم احترافاً وخبرة دولية الجنرال محمد العلاف يميل إلى «التسكين» وطبيعي ان لا يحب الإعلام ويفضل عدم الاشتباك.

لكن برأي خبراء هذه الإستراتيجية في العمل «قلصت» دور الهيئة الوقائي وهمشت نفوذها في مساحة أساسية في صلب وجوهر رسالتها وهي»الردع» لأن الاشتباك السياسي والتعاطي الإعلامي كانا يردعان الفساد الإداري بكل صورة خصوصاً في مجال العطاءات أكثر من التحقيق الفعلي في ملفات قائمة.

العلاف كان مرشحاً لتولي وزارة الدفاع وحراك مضاد قاده رئيس الأركان السابق الجنرال مشعل الزبن أحبط المشروع ولا غبار على نزاهة وجدية الرجل وفريقه. لكن التساؤلات تتكاثر في الأفقين البيروقراطي والسياسي عن خلفيات نقل الهيئة من جسم فاعل ومتحرك وفعال ومؤثر إلى حالة إدارية «خاملة» نسبياً.

لا أحد يعرف بطبيعة الحال ما إذا كان ما يجري حالياً مقصوداً أو مبرمجاً او ينطوي على فكرة من لدن الحكومة الجديدة او القرار السياسي لكن ما يرصده برلمانيون وسياسيون ان الهيئة التي يحتفظ لها الجميع بصورة من الهيبة تغيب في وقت حساس وحرج لا ينبغي لها فيه ان تغيب. يبدو ومن باب التحليل ان الخلفية العسكرية الإحترافية المتحفظة لرئيس الهيئة الجديد لها دور في هذا المشهد.

ويبدو أيضاً أن الهيئة قد تتأثر صورتها بالتركيز على إداريات شكلية غير مهمة على حساب الجوهر والمضمون من طراز توفير سيارات رباعية الدفع للمتابعة في وقت الأزمات او «إقامات مسائية» للكادر او حتى من خلال تنفيذ مهام بسيطة ليست في نطاق الاختصاص تنطوي على رقابة إدارية لمؤسسات بسيطة مثل البلديات.

لكن الوظيفة «الوقائية» في مكافحة الفساد وهي قد تكون الأهم تتراجع بسبب انتقال عمل الهيئة للظل وبدون معرفة تفاصيل ما الذي تفعله وعلى أي اساس. لعل الرئيس الملقي تنبه لذلك وخطط لمنح الهيئة جرعة معنوية بإعلان نيته تحويل بعض الملفات لها. لكن ذراع الهيئة المهيوبة ستبقى قصيرة ما دامت تنتظر «تحويل» الملفات لها ولا تتمتع بـ»ضابطة عدلية» تعزز مخالبها القانونية ضد حالات الفساد ورموزه.

وذراعها ستبقى أقصر ما دامت أجهزة الرقابة الحكومية «غير موحدة» وتعتمد على ما تيسر من اصطيادات بين الحين والآخر بدلاً من تعزيز صلاحيات وإمكانات الجنرال العلاف وفريقه لاقتحام كل غرف الإدارة وبكل المؤسسات التزاماً بمصلحة النظام وتنفيذاً للرؤية الملكية قبل أي شيء آخر.

وسيبقى المشهد قاصراً ما دام طاقم الهيئة الأساسي غير محصن بمعنى يخضع لإعتبارات سياسية وإدارية هنا وهناك خصوصاً وان مفوضي الهيئة بالإطار العام «فدائيون حقيقيون» لأنهم يحرقون فرصهم ويتجاوزون مصالحهم خلال مواجهة مراكز قوى او شخصيات نافذة مشتبه بفسادها في بلد يغضب المسؤول فيه إذا سئل عن اي تفصيلة وتختار نخبته بطريقة غامضة وبناءً على سيرة ذاتية غريبة جداً على حد تعبير البروفوسور أحمد العجلوني.

بمعنى آخر لا يوجد ما يمنع من تحول أي شخص اشتبهت به الهيئة او حققت معه او حتى سألته يوماً إلى مسؤول بارز في دوائر القرار، الأمر الذي يجعل مسؤولي الهيئة عرضة للنكاية والانتقام وقد حصلت حالات عدة في هذا السياق لا بد من الانتباه لها وتتطلب تحصيناً لمن يعملون بالهيئة ومعها من ثقات القوم.القدس العربي




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :