إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

الأردن .. عمقنا مصدر قلقنا


عمان جو - فهد الخيطان

هل يمكن للأردن أن يلعب دورا في لمّ شمل السوريين أو العراقيين، ويوقف انهيار البلدين؟
ثمة من يعتقد ذلك، لا بل ويلح في طلب الانفتاح على عمقنا العربي، عوضا عن 'الارتماء' في حضن الأجنبي.
عبارات من هذا النوع تبدو رنانة وجياشة، وهي منسجمة بحق مع المبادئ التي قامت عليها الدولة الأردنية.
لقد كان لنا دور إيجابي في تسوية خلافات الدول العربية، ومساعدة دول أخرى على تجاوز مشاكل تاريخية.
في اليمن، لعبنا مثل هذا الدور. وكذلك في لبنان. وكثيرا ما كنا حاضرين لحل إشكاليات العلاقة بين دول خليجية.
أحيانا نجحنا، وأحيانا أخرى أخفقنا. الإخفاق الكبير ليس للأردن، وإنما للعرب جميعا، كان في أزمة الخليج أوائل التسعينيات، واحتلال العراق لبلد عربي شقيق هو الكويت.
حينها وقف الأردن وحيدا مع الحل العربي للأزمة، فيما جميع الدول العربية باستثناء اليمن، ومنظمة التحرير الفلسطينية، أيدت التدخل العسكري الأميركي لإخراج العراق بالقوة من الكويت.
كتبت الخطوة العبثية لنظام صدام حسين، نهاية الدور العربي؛ فمنذ ذلك الوقت لم يعد للنظام العربي الرسمي أي دور فعلي. حتى القضية الفلسطينية التي حاول البعض من العرب ربطها بانسحاب العراق من الكويت كورقة ضغط على أميركا، ضاعت من أيدينا.
حاول الأردن مساعدة العراق بعد الاحتلال على تجاوز مشكلاته الطائفية، وبناء دولة لكل العراقيين؛ استضاف مؤتمرات لقوى سياسية، وانخرط في مناقشات طويلة مع الأحزاب السياسية، ناور في واشنطن وعواصم غربية، لكن العراقيين لم يساعدوا أنفسهم. مضوا في طريق الاستقطاب الطائفي، وانتهوا إلى بلد مقسم إلى كيانات سياسية تخضع لوصاية خارجية؛ إيرانية وأميركية وتركية.
سورية سارت على الدرب نفسه. في بدايات الأزمة، كانت هناك فرصة ذهبية لاحتواء الأزمة، وليس سرا أن الأردن وقف إلى جانب النظام السوري، وقدم حزمة أفكار عملية لتجنب التصعيد. لكن لم يأخذ بتلك النصائح.
وعندما تفاقمت الأوضاع، حضر الأردن في الحراك الدبلوماسي الساعي إلى توحيد كلمة السوريين على أهداف مشتركة. غير أن الأزمة تدحرجت بفعل أخطاء كارثية في الداخل السوري، وتدخلات غير موفقة من أطراف عربية وإقليمية ودولية.
اليوم، لا يوجد في سورية أو العراق أطراف لها رأي في مستقبل بلديهما. إذا أردت أن تبحث عن حل للأزمة السورية، فعليك أن تجول على عشر عواصم خليجية وإقليمية وغربية، بما فيها موسكو طبعا. السوريون لم تعد لهم كلمة في مستقبل بلادهم. الكلمة لطهران وموسكو والرياض والدوحة وأنقرة وواشنطن؛ الرعاة لطرفي الصراع، النظام والمعارضة.
العراق في وضع مشابه تقريبا؛ مؤسسات الدولة موزعة بين النفوذ الإيراني والأميركي، والقوى السُنّية العراقية مشتتة بين عواصم الإقليم.
الأردن بالكاد يحمي حدوده من فائض الحرب الدموية في سورية، وعصابات الإرهابيين في العراق، وإدارة ملف اللاجئين الثقيل، وتدارك أخطار الانهيار في الإقليم.
المحافظة على الوضع القائم، هي أقصى ما يمكن أن يطمح إليه بلد يمر بالظروف التي يمر فيها الأردن. العمق العربي تحول لمصدر خطر، تخيلوا!




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :