إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

التلفزيون الأردني يبث فيلما وثائقيا عن الثورة العربية الكبرى


عمان جو - بث التلفزيون الأردني مساء أمس الجمعة الجزء الأول من فيلم وثائقي من ثلاثة أجزاء عن الثورة العربية الكبرى، يتناول بأسلوب درامي، أبرز الأحداث التاريخية على الساحة العربية بين الأعوام 1908 – 1921.
ويتم في الساعة التاسعة من مساء اليوم السبت بث الجزء الثاني، فيما يبث الجزء الثالث والأخير في التوقيت ذاته من مساء غد الأحد.
ويمزج الفيلم من حيث الأسلوب واللغة البصرية، بين المشاهد التمثيلية والمواد الأرشيفية التاريخية، وهو تأليف وإخراج مشترك لأصيل منصور ورولاند ماي.
واستمرت أعمال البحث والإعداد والتصوير والإنتاج نحو عام ونصف منذ انطلاق فكرة الفيلم الذي أنتجته "السنبلة" للإنتاج الفني، وهي دارة إنتاج مستقلة تسعى إلى إنتاج أعمال درامية تاريخية تعالج محطات مهمة في تاريخ الأردن والمنطقة العربية بأسلوب موضوعي يساهم في نشر المعرفة التاريخية.
وشارك في العمل، الذي تم تصوير مشاهده في الأردن، ممثلون أردنيون وأتراك وبريطانيون، من أبرزهم حابس حسين الذي قام بدور الشريف الحسين بن علي، ورشيد ملحس بدور الأمير عبدالله الأول، وخالد الغويري بدور الأمير فيصل الأول.
واستند العمل إلى عدة مقابلات مع خبراء ومؤرخين للتعليق على أحداث تاريخية مرتبطة بالنهضة العربية وشرح سياقاتها، من أبرزهم: المؤرخيْن الدكتور علي محافظة والدكتور مهند مبيضين، بالإضافة إلى يوجين روغان، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بكلية سانت أنتوني بجامعة أكسفورد، وجيمس بار المتخصص في تاريخ الشرق الأوسط في ذات الجامعة.
ويتتبع الفيلم انعكاسات التغيرات الدراماتيكية في الفترات الأخيرة من تاريخ الإمبراطورية العثمانية، متمثلة بصعود القومية التركية المتعصبة، واستئثار جمعية الاتحاد والترقي بالسلطة، وصولا إلى انطلاق الثورة العربية الكبرى بصفتها ثورة فكرية وعسكرية تركزت في أقاليم الحجاز وسوريا الكبرى للمطالبة بالاستقلال ورفع الظلم عن العرب وحماية هويتهم.
ويتناول الفيلم العلاقة بين الشريف الحسين بن علي والقوى الدولية، خاصة بريطانيا، والتعقيدات السياسية والعسكرية التي سيطرت على الساحة العربية بعد الحرب العالمية الأولى.
وأوضح المخرج الأردني أصيل منصور أن العمل هو الأول والأضخم من نوعه في السينما الأردنية، ويتميز بطرح معالجة درامية موضوعية لشخصيات تاريخية في غاية الأهمية من أبرزها الشريف الحسين بن علي وأنجاله، الملوك فيما بعد، عبدالله الأول وفيصل الأول.
وقال لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) ان العمل على الفيلم استغرق اكثر من عام ونصف، من بحث وكتابة، الى تحضير، انتاج، ثم مراحل ما بعد الانتاج، مشيرا الى ان الصعوبة في هذا العمل تكمن في طبيعته الدراما-وثائقية، التي حتمت مراعاة الدقة التاريخية والموضوعية في كافة التفاصيل، من النص والحوار اللذين استندا على مراجع ووثائق تاريخية، الى العمل المكثف مع الممثلين على محاكاة الشخصيات التي لعبوا ادوارها، من خلال دراسة دوافع الشخصيات الداخلية بحسب التحليل التاريخي للسياق الذي عاشته، ومن خلال العمل على المظاهر الخارجية من ملابس وشعر ومكياج ليظهروا بأقرب صورة ممكنة للشخصيات التي مثلوها، والديكورات والمتعلقات الشخصية التي تم بناؤها وتصميمها بعد اشهر من البحث.
وأضاف منصور "لتدعيم مصداقية وحيادية الجانب الدرامي من الفيلم، قمنا بنسج المشاهد التمثيلية مع مواد ارشيفية نادرة، ومقابلات مع مؤرخين وخبراء من داخل وخارج الاردن، لتأخذ المشاهد في رحلة عبر الزمن، يعيش فيها احداث بداية القرن العشرين في المنطقة بشكل عام، وحكاية الثورة العربية بشكل خاص".
وختم قائلا، كان مشروعا ضخما بكل المقاييس، ولا بد من التنويه بكفاءة فريق العمل الذي كان في معظمه من الاردن، اثبتت فيه الكوادر الاردنية ان باستطاعتها ان تنتج اعمالا تضاهي افضل الانتاجات في العالم.
من جانبه، قال المؤرخ الدكتور مهند مبيضين أن هذا العمل يعد الأول من نوعه بهذا الحجم من جميع النواحي، مشيرا الى أنه يتضمن وجهات نظر متعددة على صعيد المؤرخين، مضيفا " لم نتدخل سلبا أو ايجابا في توجيه الفيلم".
وبين أن الفيلم يطرح فكرة أساسية مفادها أن الأردن يحمل مشروع الثورة العربية الكبرى وحافظ ملوكه الهاشميون على ذلك وورثها حكما جلالة الملك عبدالله الثاني، لتستمر المسيرة الواثقة رغم كل التحديات.
وبين الدكتور مبيضين أن الفيلم يمزج بين الوثائقي والدراما واعادة بناء المشاهد التمثيلية بما يحاكي العصر، وبدرجة كبيرة من الدقة.
وعبر الفنان رشيد ملحس، الذي أدى دور الأمير عبدالله الأول، عن فخره واعتزازه للمشاركة في هذا العمل الضخم رفيع المستوى في كل الجوانب التقنية والانتاجية والتصوير والمجاميع وفريق العمل المتكامل وتوفر الخدمات والمستلزمات، الى جانب النص المميز والمساهمات والآراء الثرية للمؤرخين والخبراء، مؤكدا أن هذا الدور يشكل منعطفا في مسيرته في مجال التمثيل، وأنه أحس بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه في أداء دور شخصية عظيمة الأهمية، وفي ترجمة كيفية التصرف في اللحظات التاريخية وفي مختلف المواقف.
وبين أن الفيلم يهدف الى اطلاع الجيل الحالي والأجيال القادمة على حقيقة هذه الثورة العظيمة، مشيرا الى أنه تم عرض الحقائق كما هي دون تحيز.
وقال ملحس أن المملكة الأردنية الهاشمية وريثة وحاملة راية المشروع النهضوي العروبي، وصمدت وستظل في وجه التحديات لأنها تستند الى ثوابت ومبادئ راسخة.
أما الفنان حابس حسين الذي قام بدور الشريف الحسين بن علي، فقال ان هذه التجربة توجت كل مسيرته وانه كان يحلم بمثل هذا الدور كأي ممثل أردني، مشيرا الى شعوره بالرهبة لدى اختياره لأداء الدور الذي تطلب منه استعدادا نفسيا وتعزيزا لخبراته، كي يؤديه بأفضل صورة.
وأضاف، "تشرفت بأداء هذا الدور المهم لشخصية عظيمة لمؤسس وقائد الثورة العربية الكبرى وملك العرب، الذي سعى الى اقامة امبراطورية عربية اسلامية، رغم صعوبة الظروف وضآلة الامكانات والموارد في تلك الفترة".
وأشار الى أن قوى الشد العكسي تكالبت عليه بعد بدء الثورة، ووقف ضده الأصدقاء الذين كانوا وعدوه بمساندته في تحقيق هذا الحلم، والذين توجسوا من اقامة امبراطورية لا تحقق مصالحهم، فنفذوا مخططاتهم في تقسيم الوطن العربي الى مناطق نفوذ بينهم من خلال اتفاقية سايكس-بيكو.
وقالت أستاذة التاريخ بجامعة آل البيت الدكتورة هند أبو الشعر، يبدو أننا تأخرنا كثيرا في تقديم هذا الحدث المفصلي الكبير بحياتنا على كل صعيد، فمع أن قرناً تاما مرّ على الثورة العربية الكبرى (نهضة العرب) إلا أننا لم نقرأ أدبيات المرحلة ولم نقدمها لأنفسنا وللآخرين، ومنها صحافة القرن الماضي، سواء في مصر أو الحجاز أو بلاد الشام أو العراق، أو صحافة المهجر، وقد حاولت تقديم قراءة متسلسلة لصحيفة "القبلة" وهي الناطقة بلسان الحجاز والثورة العربية، بواقع حلقة أسبوعية في صحيفة الرأي الأردنية، وتبين لي أن القارئ الأردني والعربي لا يعرف عن تلك الفترة إلا أقل القليل، وهو ما يجعل هذه المراجعة التاريخية مطلوبة.
وأضافت، هذا عصر الصورة، ولا بد من تقديم الحدث التاريخي بلغة العصر، ولا بد من مخاطبة هذا الجيل الجديد من العرب كلهم بطريقة تناسب تفكيرهم الذي يعتمد على الحالة الرقمية وتجلي الصورة، لذا كان من الضرورة بمكان تقديم عمل تصويري بفيلم متكامل، ليصل للجميع وبكل المعايير الفنية والفكرية المناسبة والتي تتناسب مع عمق هذا الحدث العربي، وقد تابعت المادة التاريخية، ووجدت أن الفيلم اعتمد على مجموعة محدودة من الأكاديميين في هذه الحلقة، وراعى التنوع، ولم يغفل عن الاستعانة بالأفلام الوثائقية وهذا هو الفيصل.. إن المشاهد اليوم لا يتحمل المادة التاريخية التنظيرية ويميل إلى الفوتوغرافي التوثيقي والذي قدم الفيلم كما هو مطلوب منه، مع أنني كنت أميل إلى الاستعانة بهذه الأفلام بلقطات أوسع خلال حديث الأكاديميين.
وأشارت الدكتورة أبو الشعر الى أنها كانت تحبذ التركيز أكثر على إعدام كوكبة المفكرين العرب الأحرار الذين كانوا يمثلون أهل الفكر والقلم في بلاد الشام، حيث كانت المشاهد أقل من المطلوب، وقالت "كنت أتمنى أن يكون هناك إضاءة أعمق على هؤلاء الذين انتفض فيصل بن الحسين عندما سمع نبأ إعدامهم، وألقى بعقاله إلى الأرض، وصرخ صرخته المشهورة (طاب الموت يا عرب).. اللقطة لم تكن بعمق الموقف المفصلي في تاريخ الثورة.
وأعربت الدكتورة أبو الشعر عن أملها بأن تستفيد وزارتا التربية والتعليم، والتعليم العالي من هذا الفيلم الناجح فنيا بعرضه على الطلبة، "صحيح أننا تأخرنا كثيرا في إنتاج أفلامنا الخاصة بالثورة العربية، لكن هذا الفيلم محطة أولى وبداية ناجحة، ونأمل بأن نبدأ بإنتاج الدراما الأردنية التي تستعيد هذا الزمن في نهضة العرب، علينا أن نستعيد زمن النهضة بكل الأشكال الفنية والفكرية لأن هذا الحدث يستحق النهوض في ذاكرتنا من جديد وبكل الأشكال الفنية".
--(بترا)




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :