إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

الثورة العربية الكبرى وصحافة الاغتراب .. "المستقبل أنموذجا


عمان جو واكبت صحيفة المستقبل الباريسية مجريات الثورة العربية الكبرى خلال الفترة بين 1916 و 1919، مبرزة الاحداث العسكرية والسياسية بكثير من التوازن والتدقيق رغم الالتباس في توجهاتها القومية.
يسرد بحث للدكتور مؤيد العقرباوي تحليلا ومضمونا وقائع الثورة قبل وبعد انطلاقها والمواقف حيالها، مشيرا الى ان جريدة المستقبل صدرت في ظروف سياسية وعسكرية معقدة، بالتزامن مع الحرب العالمية الاولى، والتي كانت من أسباب صدور الجريدة كما أفصحت حين صدورها.
وصدر العدد الاول من الجريدة في 7 جمادى الاولى 1334 هـ "3 آذار 1916"، وبدأت تصدر كل يوم جمعة من باريس، ثم أصبحت تصدر مؤقتا في 10 و20 و30 كل شهر، وتزامن صدورها قبل ثلاثة اشهر من انطلاق الثورة العربية الكبرى في 10 حزيران 1916 مع نهاية مراسلات الشريف حسين – مكماهون في 30 كانون الثاني 1916، وفي إصداراتها الاولى اوضح (مكماهون) في الرسالة الرابعة ان بريطانيا وافقت على مطالب العرب في تحقيق الاستقلال في مناطق الحجاز وبلاد الشام والعراق كما ورد في رسالة الشريف حسين الاولى.
وجاءت هذه المطالب بناء على ميثاق دمشق الذي عقد عام 1915 ورسائل النواب العرب في مجلس المبعوثين في البرلمان العثماني وعددهم ثلاثة وثلاثون نائبا، اما بالنسبة لمضمون مراسلات الشريف حسين – مكماهون فقد نشرتها الجريدة تحت عنوان "انكلترا وعرب الحجاز" تعريبا عن جريدة الطان الصادرة في 18 ايلول 1919.
وقد اوردت الجريدة خلاصة العهود بين الحكومة الانجليزية وشريف مكة الحسين، الذي صار فيما بعد ملكا على الحجاز، بشأن الحدود العربية في الشرق، وهي محصورة في ثماني رسائل او أسناد حررت بين تموز 1915 وكانون الثاني 1916، وفي تموز 1915 تعهد الشريف بعضد الحكومة البريطانية عضدا حربيا لقاء "استقلال العرب في الحدود الآتية شمالا، في منطقة ذاهبة الى مرسين وأدنة ومن ثم الى الدرجة السابعة والثلاثين عرضا حتى حدود فارس وخليج البصرة، وجنوبا الى الاقيانوس الهندي وعدن مستثناة، وغربا الى البحر الاحمر وبحر الروم حتى مرسين"، وفي 30 آب 1915 اشتمل جواب السير هنري مكماهون "على ابهام كبير، وإشارة الى ان المناقشة بشأن الحدود المقبلة لم يأت وقتها".
وعند موافاة وزارة الخارجية بالرسالة أضاف السير هنري مكماهون عليها النص التالي: "إذا احتلت فرنسا الاقضية العربية البحتة الآتية وهي حلب وحماة وحمص ودمشق، ستصير مقاومة عنيفة من الجهة العربية، والغرب قابلون ببضع تبديل في الحدود الشرقية والجنوبية التي اقترحها شريف مكة شريطة استثناء الاقضية الاربعة المذكورة من كل مناقشة".
وفي 24 تشرين الاول 1915 بعث السير هنري مكماهون، بأمر من حكومته، برسالة الى الشريف تحتوي على المذكرة الآتية: "ان قضاءي مرسين والاسكندرية والحدود السورية الواقعة غرب اقضية دمشق وحمص وحماة وحلب لا تحسب عربية بحتة، بل ينبغي استثناؤها من الحدود التي ستصير قيد المناقشة"، وقد كلفت الحكومة البريطانية عميدها في مصر بإعطاء التأكيدات الآتية جوابا على رسالة الشريف فيما يختص بالأراضي الداخلة في هذه الحدود، والواقعة تحت نفوذ بريطانيا العظمى، دون ان يلحق من دخولها تحت النفوذ البريطاني إجحاف بمصالح حليفتها فرنسا، وهذه التأكيدات هي: "تعاهد بريطانيا العظمى العرب بالاعتراف بهم ومساعدتهم على الاستقلال في داخلية الاراضي والحدود المذكورة في اقتراح شريف مكة على شريطة التقيد بالتغييرات المذكورة في صدر المذكرة هذه".
وفي 5 تشرين الثاني 1915 أجاب الشريف حسين على رسالة السيد البريطاني، "يعترف فيها باستثناء مرسين وأدنة من الشروط، ولكن يطلب دخول الاراضي الاخرى في الشروط وفي جملتها بيروت خاصة"، وفي 13 كانون الاول 1915 اعترف السير هنري مكماهون باستثناء مرسين وأدنة من مطالب الشريف، وفي الأول من كانون الثاني 1916 تراجع الشريف عن عزمه المطالبة بلبنان، "كي لا يعكر صفو المصالحة بين فرنسا وبريطانيا واعلان انه يأتي على ذكر حقوق الحجاز في لبنان بعد نهاية الحرب".
وفي 30 كانون الثاني 1916 بعث الشريف برسالة الى السير هنري مكماهون تفيد بأنه (الشريف حسين)، "يتحايد كل ما من شأنه الإضرار بمحالفة فرنسا وانكلترا وإنذار للشريف بأن الصداقة بين فرنسا وانكلترا ستظل على حالها بين الدولتين".
ويقول الدكتور العقرباوي ان المتأمل في أعداد جريدة المستقبل التي صدرت قبل انطلاق الثورة العربية الكبرى من العدد 1- 19 يلحظ ان بعض الفاعليات العربية التي كانت تتوجه الى فرنسا مطالبة بالدفاع عن حقوق العرب في سورية، ويقصد بسورية هنا سورية الطبيعية (بلاد الشام) "لم تؤكد على مطالب الثورة العربية الكبرى، ويبدو السبب هو ان هذه المراسلات لم تظهر بعد على ارض الواقع لدواع امنية "خوفا من كشف ذلك التحالف من قبل حزب الاتحاد والترقي فتزداد وتيرة الانتقام على العرب".
وتحدث اول مقال في هذه الجريدة للكاتب احمد الهادي بعنوان "مستقبل سوريا"، وبدا واضحا أن الكاتب "لا يعلم شيئا عن اهداف الثورة العربية الكبرى ولا يعرف مصير مستقبل سوريا، حتى انه لم يعرض حلولا لمستقبل سوريا، غير انه اكد ان سوريا مريضة وداؤها أنها تحت سيطرة الاتراك، ولكنه فشل في ايجاد الدواء لها".
موقف جريدة المستقبل من الثورة العربية الكبرى بعد انطلاق الثورة في 10 حزيران 1916

وكان العدد 20 من الجريدة الصادر في 14 تموز 1916 هو أول عدد يتناول ثورة الحجاز (الثورة العربية الكبرى)، اي بعد انطلاقة الثورة العربية الكبرى بأربعة ايام حيث بدأ الاهتمام بأخبارها والحديث عن شخصياتها وزخم عن احداثها، وتضمن عناوين منها "الشريف علي حيدر الذي تم تعيينه بدلا من الشريف حسين"، وتناول تأصيل الثورات العربية بقيادة الاشراف ضد الدولة العثمانية، مستعرضا ثورة 1854 بقيادة الشريف عبد المطلب، والتي استطاعت الدولة العثمانية القضاء عليها.
كما تناول العدد مقالا آخر بعنوان "اليوم جاء الشريف حسين بن علي ليعلن الثورة الثانية على الاتراك" والذي اطلقت عليه الجريدة (صاحب الدولة والسيادة)، وكذّبت الجريدة ما نشره الترك من ان "الشريف حسين بن علي موالٍ لهم ومخلص لعهدهم وأنه اتخذ الوسائل اللازمة لإخماد نار الثورة، فإذا كان هذا صحيحا"، على حد قول الجريدة، "فلماذا عزلوه وعينوا الشريف علي حيدر بدلا منه؟"، ورأت الجريدة في هذا المقال "انهم ارسلوا الشريف علي حيدر من قبلهم من اجل معرفة مطالب وشروط الشريف حسين بن علي".
يتبع.. يتبع
--(بترا)




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :