إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

وصية أردني .. الرحيل


عمان جو-فارس الحباشنة


لا نعلم من أين يأتون بهذه الخرافات و الاكاذيب ، حتى السماء الاردن الصافية فقد حجبوها بالكذب عن اهلها الطيبون و الانقياء . المدن تمتليء أناسا لا نعرف من أين هم أتوا ؟ والبلاد على اتساعها فاهلها يريدون الهروب لأي مكان في العالم .

فالاردن الطيب والواسع بالطيب لم يعد يتسع لاهله ، و انت تتحمص ما يجري تتبع اخبار الاردنيين في القنصليات و مكاتب الهجرة ، هروب جماعي لاقدر الله . لا أحد يهمه الامر بكل ما تسمع من صراخ و ندب و لطم وعويل .

الاردنيون جوعى وعراء ، ورجال الحكم مازالوا يتحدثون عن رخاء و رفاهه ونعيم ومدن جديدة ، الاردنيون مذعرون و خائفون ، ورجال الحكم يتحدثون عن اصلاح و ديمقراطية وامن وامان ، والبلاد تعمر بالفساد والخراب .

عمان الجميلة مثل طفلة برئية تنام وتصحي عنوة ، تنام باكية و تصحى على هم وقلق وذعر ، وتصحى ثيابها مبللة و ردن ثيابها معضض من الخوف . الناس ، نعم تجول وتدور في الشوارع و تشعر بالازدحام وطوفان الاردحام ، ولكنهم هائجون لا يعرفون الى اين هم ماضون ؟

فأكثر ما يفرج قلوبهم افتتاح" مول جديد" عامل عرض على سعر الدجاج و خاروف دبي الفساد و المعطوب ،ومحل كنافة يغلق الشوارع الرئيسة لساعات حيث ينتظر المواطنون دورا لشراء كليو غرام من الحلويات ، او فرصة اخرى قد تدفع الحياة في فضاء المدينة ، حيث تتوقف بكبات بيع الخضار و الفواكهة و عروض وتنزيلات الباعة المتجولين .

أكثر ما يفرح الاردنيين عرضا على الاسعار في" الوسيط او الممتاز " صحف اعلانية محلية " ، لا فرح في القلوب و لا ضحك في الحناجر ، الامن مستبب بهدوء الموتى ، ولأن الناس مخدرين بيولوجيا ، ولأن مجسات افراز احساسهم بالحياة والوجود يبدأ من امعدتهم الخاوية او الممتلئة بطعام فاسد وخربان .

السادة يظنون أن الاردنيين يقدمون تراتيل السمع والطاعة ، ويظنون انهم عثروا على مفاتيح المستقبل ويعرفون الحلول بمجرد تغريدة على توتير او اطلالة على استغرام او بوست على الفيس بوك او مقابلة وحوار مع تلفزيون اوروبي او امريكي . موقنون أن كل شيء بين ايديهم "لاقدر الله" .

حبل الجنازة العامة طويل الامتداد ، يريدون قتل الاردنيين واحدا واحدا ، كم هو شبق سلطوي غرائزي مريض وعفن بالاستمتاع الى موت جماعي لبلد و شعب معا . لا اعرف لماذا يكرهونا الى هذا الحد ؟ ألم يصغوا الى دقات قلوبنا كلما هبت على الاردن مصيبة او كارثة او طامة ؟

لا يروا في البلاد غير انفسهم ، ولا يريدون حتى الاستماع لاحد . ولا يحسون بالوطن كما نحس نحن ، ولا يحبون كما نحبه . نحن نحب الوطن بحلوه ومرة و قسوته و جماله و رقته و عذوبته و لعنته ، أما هم فيحبون بقدر ما يقدم لهم من مال و نعيم ورخاء وعطاءات ومقاولات سياسية .

نحن مسخرون لبنائه وحمايته وصونه والدفاع عنه ، اما هم مسخرون لخرابه و العبث به . نعم اعيش اليوم في وطني "الاردن " ولكني كلي مثقل هما و رغبة بمغادرته والرحيل عنه ، احس بغربة تأكل عظامي ، وانا اليوم اعيش به ، فكيف لو غادرته غدا ؟

لقد قتلونا وجوعنا ويريدونا تشريدنا و هذا أكثر ما يلوح في الافق ايها السادة . وعن أي مستقبل يتحدثون عن مدنه الجديدة يا هداكم الله ، وخيل الاردن يذبح رجالها ، و الاردنيات يقف على الاشارات الضوئية ويتسلون على ابواب المولات ، وسعر الاردني في الانتخابات يباع بكيس رز وسكر و زجاجة زيت قلي .

كل شيء ترتفع قيمته السعرية في صعود الا الاردني اقداره الهبوط و الهبوط حتى الهاوية الصفرية . وهناك من يحملون في رؤوسهم احلاما اوهاما كبيرة لمستقبل مشرق وافضل ، ولا اعرف من أين يأتون بهذه الكلمات من معاجم الماضي و كهوف الخرافات .

اقولها بالعامية و بكل استسهال وعفوية .. (حلوا عنا واتركونا بحالنا ما شاء الله) .

ف.حباشنة




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :