إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

بين الإخونجي والليبرنجي


عمان جو - خاص - كتب – عبدالهادي راجي المجالي .


أنا اسأل برسم القلق ليس إلا ..ايهما أقرب إلى الوجدان الشعبي ( إخونجي) يخرج من مكتبه كوزير للتربية , ويقول للمراجعين :- (أعطوني ربع ساعه اصلي الظهر وأرجع )..ويقترح عليه أحد المراجعين أن يصلي معه جماعة فيقوم الحشد كلهم والإمام وزير التربية ...أم ليبرالي خبير بأنواع الكريستال .

سأكتب عن قصة صديق لي إسمه طالب الجريري , أراد تحويل ابنه إلى التخصص الفندقي , والإبن استوفى كل الشروط كي يذهب إلى مدرسة شكري شعشاعه , وظل طالب يلح علي بأن اذهب معه ..إلى الوزارة كي ينهي معاملة , تحتاج لموافقة شفهية فقط ...لم أستطع لا أنا ولا طالب أن نحول الفتى ببساطة لأننا لم نجد مدير التربية عبر (9) زيارات وأخبرونا أنه في الميدان , ولم نجد من يساعدنا أو يعطينا إجابة عبر (10) زيارات لمديرية التربية ...قلنا فلنذهب لمدير مكتب الوزير , فقالوا تحتاج لموعد ..قلنا الأمين العام ..وأخبرونا أننا نحتاج لموعد أيضا , وثمة اسوار في الذهن وحواجز غريبة ..لا تفهم لماذا أقيمت وماهو السبب ؟

في زمن الذنيبات ..كانت صلاة الظهر تقام والوزير هو الإمام , ويقال عن مكتبه أنه كان (شق عرب) وتلك ميزة وليست ..ـ كما يظنها البعض ـ إدانة ذاك أن الأردني يحتاج لإبتسامة وترطيب خاطر , حتى لو خرج من أي مؤسسة رسمية دون إنجاز لمعاملته ..فقط قابله بالإبتسامة ...وسينتهي كل شيء , وتلك كانت سمة من سمات الإخوان في تعاطيهم مع الناس لهذا اكتسبوا شعبية هائلة , وأسسوا قواعد وحواضن في المجتمع أعلى من قواعد وحواضن الحكومات ذاتها .

الوضع الان في وزارة التربية مختلف , فالوزير ليبرالي بالفطرة ..وعليك أن تحدد موعدا , ومدير المكتب أصبح أيضا ليبراليا.. وكامل الوزارة تحولت إلى هذا الخط , ولكن المؤسف في الأمر أن يرعى هذا الوزير يوم أمس مؤتمرا للنساء ...يتحدث عن الليبرالية أيضا في التعاطي مع المرأة , وفي ذات الوقت وعلى باب الوزارة تجلس (أم) جاءت من منطقة نائية شرق ماركا باحثة عمن يدلها كي تنقل ابنها إلى مدرسة أخرى , وكلما طرقت بابا تقتضي الليبرالية ممن يجلس خلف الباب ..أن يقول لها :- بحسب الأصول والقوانين ...وفي النهاية , خرجت تدعو على الوزير ..ومن حقها أن ذلك ...

أعيدوا لنا الذنيبات , على الأقل كان مكتبه (شق عرب) ..كان ثمة صرامة للبيروقراط , تقتضي المحاسبة عند كل خطأ ....وكان هناك ما نسميه بالعامية (وهرة) للرجل ...هو لايفهم في أنواع الكريستال والكؤوس المصنوعة منه ..هو يعرف أنواع الحلال جيدا :- (العبورة , الخروف , الرمسي , الثنية ) وهو أيضا ...بالرغم من أنه أستاذ جامعي , فقد كان لديه (فروة) ...ويرتدي حين يعود للمنزل (دشداشته) ...وقد يتذكر بعضا من أبيات كركية لظمت في غزل (خديجة) ..ولا أعرف من هي خديجة .

وزارة التربية لم تكن بحاجة لتغيير المنهاج , كانت بحاجة لتغيير العقول وطرق التفكير قبل تغيير المنهاج , العقول ظلت هي ذاتها ولكنها استفادت من ليبرالية الوزير ومواعيده الدقيقة وتسامحه النبيل والإنساني في المزيد من التسيب وغلق الأبواب , وطرد الناس ....وكنت أظن أن طالب صديقي يبالغ في الأشياء إلى أن شاهدت بأم عيني , المهندسة المشرفة على تحويل الطلبة في تربية عمان تطرد مواطنا , لا بل تستبد في الخطاب ...
وزارة مثل التربية , التغيير يأتي فيها من اشخاص لديهم سلوك ليبراعي وليس ليبرالي , لأن الذين عاشوا في القرى النائية وتعلموا في مدارس التقشف وهيبة الأستاذ يعرفون معنى الخدمة العامة , وليس معنى التجريب والأبعاد الإنسانية في الإدارة ....

هاهي وزارة التربية الان , مكتب الوزير حصن ..وحتى المراسل فيه تحتاج لموعد كي تقابله , وأرتال من الناس تحمل أوراقها , بحثا عمن يدلها , ومدارس خاصة تستبد بالأقساط وترفعها كيفما تشاء ...وما من مغيث ...وفي النهاية يقنعونك , بأن الليبرالية منهج إنساني نبيل يراعي حرية التفكير والإبداع ....

سيدي الوزير الليبرالي :- أتدري بعد (9) أيام من المعاناة في وزارتك لا أحتاج صداقتك أبدا , كؤوس الكريستال المنمقة والمزخرفة أفضل ..من روح عربية جامحة تعشق الله والوطن ..وتحب الخير للناس ..
أعيدوا لنا الإخونجي فهو أرحم من الليبرنجي بكثير




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :