إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

الملك ..


عمان جو - عبد الهادي راجي المجالي


لم يجبرني أحد يوما أن أكتب عن الملك ..لا مخابرات , ولا حكومة ..ولا مؤسسات ...وبإمكاني أن أمضي في مهنتني دون أن أكتب عنه ..وفي عمري الذي عبر , والذي سيأتي ..ما يدفعني للكتابة إليه هو ومضة تأتيك في لحظة تجل فتراه في قلب المقال ...
لقد عاصرت عهدين في الصحافة عهد الملك حسين وعهد الملك عبدالله ..واحببت العهدين ..وسأظل وفيا للأب ولابنه ...في عهد الملك حسين اعتقلت في زنازين المخابرات , وسجنت ..وهربت واعتقلت مرة أخرى وجلست في المحاكم مطولا ..وامنت بشيء مهم :- أن المتصوف ..يستعذب الألم لأجل الحبيب ..والحسين كان تصوفي الوطني ..وحوزة الغرام كله .
في عهد الملك عبدالله الثاني , جلست في المحاكم مطولا ايضا ..لكني ارتديت ربطة العنق , واشتريت منزلا وتزوجت ..وطفت العالم , وزرت الديوان كثيرا ..وصرت من منظومة البيروقراط الحكومي , وكانت الدولة قبل ذلك ترفضني ...وجلست على مائدة الملك كثيرا , واتذكر مرة ..حين كان الملك في زيارة للكرك ..وكيف ناداني , مدير إعلام الديوان الملكي ..كنت اظن أنه يريد أن يخبرني بسبق صحفي , ويمنحني اياه حول مكرمة ملكية للكرك ..أو لأهلها ..ولكن اصطحبني إلى الملك , وحين وصلنا لجلالته ..وهو يستمع للناس ..ويقف منفردا خلف الطاولة , قال له مدير الإعلام :- (هيو سيدي عبدالهادي راجي) ...مددت يدي للملك ولم يسلم علي وقتها , بل ضمني بيديه وحنيت يومها جناح قلبي من عشق ..وضممته أيضا , ليس للحب ميعاد في حضرة الهاشميين ..أو لحظة , أو زمن فهو ممتد من سيف علي حتى اخر الزمن .
كنت وحدي بجانبه , تناولنا المنسف وهو عاد لعمان ..وأنا عدت للحلم والوطن والحرف والكرك ..مدججا بالحب فقط .
عبدالله الثاني بن الحسين لم احبه يوما لأنه ملك فقط , بل لشخصيته ..لبساطة ذاك الشيب الذي ..نبت أقمارا على الفودين , واحبه لأنه حين يدخل لمعسكرات الجيش ..تكاد العيون الزرق تلك ..أن تحضن العسكر قبل اليدين واحبه ..لان ثمة وجها اخرا فيه غير وجه الملك , وهو الأردني الطيب البسيط ..الذي يشعر بالناس ..ويشتاق لعمان الحبيبة والخليلة والأم ..وهو الذي ..ما ظهر يوما وجهه على شاشة التلفاز إلا وغطى الرضى محياه ..
الأردني لا يكذب في الحب ..وتلك شهادة انثرها على اثير الوجد ..وهي : أننا الشعب الوحيد في الدنيا الذي لاتطلب فيه مؤسساتنا ولا بنادقنا ..ولا دنانيرنا أن نكتب عن ملكنا ..بل هي أوامر القلب , وحين يؤمرك القلب تطيعه ..
من لا يعرفون الغرام ..يسيئون , لهذا سامحوهم ..فهم من دون قلوب وهل تلوم رجلا على العشق , وهو لا يملك قلبا .؟..
القصة أننا أحيانا نكتب عن الملك , وننسى الإنسان في روحه ..وأنا أعشق فيه ذاك الإنسان , الذي يشبهنا تماما ..هو الملك الوحيد في الدنيا الذي يشبه شعبه ...بعكس كل ملوك العالم , هو الوحيد الذي حين يدخل الدار يسأل عن هاشم الأمير الأصغروأغلى الأولاد ..وأعذب راحة في الدنيا هو طعم القبلة على خد هاشم ..هو الوحيد الذي عرض التلفاز مشاهدا له وهو يفطر مع العسكر في الكتيبة , هل لاحظتم كيف يقطع الخبز الأبيض المدعوم ويغمسه بالحمص ويحني الرأس قليلا أثناء الأكل شكرا لنعمة الله ...ومثلنا تماما ..لايترك الكسرات المتبقية من الخبز بل يلمها ..ويأكلها شكرا وحمدا ..
هو مثلنا ..يراقب هاشم الأمير في الحديقة , ويسأل نفسه هل كبرنا نحن أم كبر الأولاد ؟...ويحنو على راية الأميرة والبنت الصغرى , وراية ..حين تمشي , تمشي خلفها كل الورود ..وعلى وقع خطاها يزهر الياسمين ...وربما حين يطبع القبلة على جبينها ..يشعر أن الله اعطاه بلسم الشفاء من أوجاع الأمة كلها ..
أحبه لأنه مثلنا , ينقبض الصدر إن أصاب واحدا من الأولاد التهاب في القصبات , واظنه ..يلوذ بصمته , ويكاد الصداع يفتك برأسه حين يقال له أن باصا انقلب على طريق الجنوب وتوفي فيه مجموعة من المواطنين...
الملك عبدالله الثاني بن الحسين ..نحبه لأنه يشبهنا والشعوب تحب من يشبهها..أما الذين لا قلوب لهم فهؤلاء لا تلوموهم ..كونهم لايعرفون الحب ..
لك السلام أيها الجميل والنبيل والطيب , والصقر ..والعفيف والفارس ..لك السلام ..واعلم انك في القلب في مصب القلب تماما وستبقى
عبدالهادي راجي المجالي




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :