إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

عصمت أرسبي


عمان جو - بناء الإنسان

تفتقر كل الدول العربية لِ فلسفة تسعى من خلالها لبناء الإنسان ، وضمان استمرار هذه الفلسفة وفاعليتها ، ولا شك بأن نظاما فلسفيا لبناء الإنسان العربي ، سيرتبط بمجموعة من القيم والمبادئ السائدة في المجتمعات العربية والإسلامية ، إن بناء الإنسان بعيدا عن الخواء العقلي والافتقار الفكري المتعمد ، سيصنع بدون أدنى شك إنسانا صالحا منتجا ومبدعا ، وذا رؤية وبصيرة لكل شؤون الحياة ، ولا شك هنا بأن سيادة القانون وبسط العدالة ، أساس متين وضروري لمشروع كهذا .
إن عدم وجود نية صادقة لبناء الإنسان العربي عامة ، على مدى عقود طويلة مضت ، قد أدى إلى إنتاج أجيال تتسم بالضياع والتشتت والفشل والخواء العقلي والفكري ، وحتى الخواء البدني البعيد عن ممارسة كل أنواع الرياضة ، وهذا ما يؤدي بطبيعة الحال إلى عدم الانسجام فيما بين الحياة والإنسان ، ويصنع إنسانا خاليا من كل شغف لا يؤثر ولا يتأثر بشيء مما حوله ، وتجريد العقل والقلب من كل القيم والمبادئ الإنسانية السمحة ، والسلوكيات الاجتماعية القويمة ، ويؤدي فيما يؤدي أيضا إلى فشل ذريع في رسم معالم نظام اجتماعي شامل ينتج الصلاح والفلاح ، وهو ما سيدخله في صراع دائم مع النفس تارة ومع الحياة ذاتها تارة أخرى .
إن الإنسان في كل العالم الحر المتقدم ، هو المحور الرئيس وحجر الأساس في كل شان من شؤون الحياة ، سواء كانت الخاصة أو العامة ، هو صانع للحضارة ومؤرخ للتاريخ ، وواضع لأبجديات ثقافة الأمة التي ينتمي إليها ، إن الإنسان إذا ما أجدنا بناءه وأحسنا صنعه ، سيتحول من قالب جامد مسيّر فاقد للإحساس والوجود ، إلى إنسان له شأنه وفاعليته ، يعبر من خلالها عن نفسه وعن الجماعة المنتمي إليها ، مع العلم بأن كل إنسان يملك في داخله الكثير من الخير ، الذي يمكن استخراجه واستغلاله وصقل قدراته وإمكاناته .
إن وجود فلسفة عميقة مدروسة ومستمرة لبناء الإنسان ، سيمنحنا أجيالا إنسانية عميقة في الفكر والتفكر والتدبر والسلوك ، وتكوين شخصية فكرية هادفة وسلوك قويم ، وسيمنحنا إنسانا منتجا مبدعا ، وسيوفر لنا علاقات إنسانية طيبة بعيدة عن الأنانية ، فيما بين الإنسان والإنسان ، وبين الإنسان والحياة بكل مكوناتها ، ولا شك بأن توجها صادقا في مشروع كهذا ، سيمنحنا حبا للحياة ونبذا لثقافة الموت ، وميولا للعلم والتعلم والتميز العلمي والثقافي ، ورغبة في العطاء ، وثقة بالنفس وطمأنينة وراحة بال ، ومن هنا لا بد من صناعة إنسان يحب الخير ويمارسه ، يؤمن أن أذى الطريق عنف وإماطته صدقة ، وأن قطع الشجرة أذى ورعايتها خير وبركة ، يؤمن أن الإنسان اخو الإنسان وأذيته عنف ، وانه لا فضل لأحد على احد إلا بما قدّم لنفسه وللآخرين ، إنسان يؤمن انه خُلق ليعيش ، وأن كل ما حوله هي مكونات طبيعية للحياة يجب أن تستمر وقد تم تسخيرها من أجله ، وأن لا عدوا لنفسه إلا نفسه ، ولا يمكن بطبيعة الحال لإنسان باغتته الخطايا الشيطانية والسلوكيات الخاطئة ، أن تمنعه من الثورة والانتفاضة على نفسه ليعود إلى إنسانيته .

 

 




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :