إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

أبو حسن العيسوي


عمان جو - عبد الهادي راجي المجالي - ...أنا لا أعرف لماذا نقوم بلوم أبو حسن العيسوي , على مشهد تهافت الناس عليه حين غادر ولي العهد موقع المسجد الحسيني ...الرجل في النهاية مجرد موظف لدى البلاط , يبدأ دوامه في السادسة صباحا ويغادر في السادسة مساء ...وللعلم هذا الرجل بدأ حياته في الجيش عام (59) , كان البعض يطلق عليه لقب (كوى) ..والحقيقة غير ذلك ...لقد عمل في الإستخبارات العسكرية , وحتى يتم إرسالهم للخارج ..كانت تتم تغطيتهم بمستخدم مدني ويعطون وظائفا مثل (كوى , سائق , مراسل) ...أول محطاته في العمل كانت (لبنان) ...بداية الستينات , وفي تلك الفترة كان الملف الخارجي بيد الإستخبارات ..فجهاز المخابرات لم يكن قد أسس بعد ...كان أبو حسن وقتها (كوى) بالمهنة وجواز السفر , ولكنه كان غير ذلك ...عنصرا نشطا جدا ....وكانت حياته على كف عفريت ...لبنان وقتها كانت كل أجهزة الإستخبارات في العالم تتصارع على أرضه .
في أحداث السبعين , أخبروا والدته أن محكمة الثورة قامت بإعدامه ...رميا بالرصاص بعد أسره , حينها خرجت أمه ووقفت على باب مبنى القيادة بصحبة شقيقته الكبرى ...كانت تحمل كفن ابنها , وطالبت قائد سرية حماية الرئاسة بتسليمها جثة (وليدها) ...كان الرجل وقتها يخدم في أدق شعبة في الإستخبارات ...وفعلا كان قد شارك في عملية محاصرة خلية ..اغتالت شخصية مهمة , يومها خرج أبو حسن العيسوي على أمه ..حيا يرزق , وكان قد أمضى (3) أشهر دون العودة للمنزل ...وقبل يدها , وأعادها لمنزلها في مخيم الحسين ..والذي عاشت به طوال فترة حياتها ولم تغادره ....إلا حين توفيت ...وهذه القصة معروفة في القيادة العامة للقوات المسلحة .
الرجل ...ليس ذنبه أن الناس تهافتت عليه , الناس تهافتت على الموقع ..وليس على أبو حسن العيسوي , فهو حين يتقاعد سيكون مثله مثل أي متقاعد اخر من رفاقه الذي أمضى العمر معهم ..بين بوابات القيادة والديوان والمنزل ....
أحيانا نرمي الأخطاء على الاخرين , ونعلق كوارثنا على شماعة الاخر ...الأصل أننا ننتج خطابات متعددة في نقد السلطة , ولكننا لم ننتج للان خطابا واحدا في نقد أنفسنا ...كشعوب , لم ننتبه للوجوه التي وقفت على باب المسجد الحسيني وعند سيارة أبو حسن العيسوي ...ولم نسأل أنفسنا ...لماذا هذه الوجوه هي ذاتها التي وقفت مع المعلمين , ثم وقفت في الربيع العربي على دوار الداخلية ..,في النهاية انتهى بها المطاف عند سيارة (ابو حسن العيسوي ) ...أين العلة فينا نحن أنفسنا أم في السلطة ؟
في النهاية من كان البعض يلقبونه (الكوى) ....صار رئيسا للديوان , وعلى الأقل يسجل له ..أنه أمضى حياته تحت أقدام أمه , في مخيم الحسين ....كان هو من يطعمها وهو من يقص أظافر قدميها ...وحين قررت الموت أختار أعز مكان في الدنيا وهو قدميها ..كي يشهد صعود الروح لخالقها .
ذات يوم سألته عن قصة حادثة القيادة قال لي : حين أبلغوني أن أمي على باب القيادة تريد تسلم جثتي , ركضت حافي القدمين ..وحين شاهدتني حيا أرزق خرت على قدميها ....ولم أعرف هل هي كانت تبكي أم تضحك التبس الشعور عندها ...ونزلت برأسي لقدمها , أطمأنها أني حي أرزق ...وحملتها على كفي ...وظلت تتلمس في وجهي , حتى تتأكد أني ابنها وأن ما تشاهده ليس بالحلم .
أنا لا أمدح الناس , ولا أقصد التقرب من أحد , لكن هذا الرجل لايجيد الصحافة مثلنا ...ولا يجيد كتابة السيرة الذاتية , ولا يعرف فن ( المذكرات) ....لا توجهوا له اللوم على مشهد المسجد الحسيني ...اللوم كل اللوم يقع علينا نحن ...فنحن من أوصلنا أنفسنا لهذه الحالة .
(شاهد عيان)




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :