إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

لقاح كورونا والاستعمار الوبائي


الكاتب : فارس حباشنة

عمان جو - Twitter
مرة اخرى مصيبة كورونا اكبر من وباء فايروسي، المصيبة في عقل الانسان، وهي من مصائب الانسان المعاصر. الناس اصيبوا بالخوف والهلع من كورونا، وجلعهم الفايروس اكثر طواعية لكل ما يسمعون من خطب وارشادات واوامر وتوجهيات حكومية . البسوا كمامة لبسنا، وتابعدوا، وتباعدنا، وابقوا في البيوت وبقينا.

وذلك يعني الكثير ، فالانسان الكوروني اكتسب صفات الطواعية القسرية. وانه ممنوع من الكلام، وان تكلم فانه مسكون بالرعب والخوف من اشباح الفايروس، وما يعني ايضا ان الانسان معزول ومحروم من حقه الطبيعي بالتمجهر والتجمع، فالنصيحة تقول تباعدوا وتباعدوا واياكم والتقارب الاجتماعي.

وما هو اخطر تثبيت غريزة البقاء في البيوت طواعية.يعني ان الانسان الكوروني فقد صفة مركزية بالانسان البعد والروح الاجتماعي، والعلاقة مع الاخرين، وان الانسان مخلوق وكائن اجتماعي.و لربما ان نزع الكينونة الاجتماعية عن الانسان وابعاده عن محيطه ومجاله الاجتماعي تقتله وتنحره وتصيب مشروعية وجوده في الحياة.

ومهما تعافى العالم من كورونا، فان عودة الحياة الى طبيعتها مستحيل. ولو قسنا على الاردن، هل تصدقون ان من فقدوا وظائفهم وفرص عملهم سترجع لهم مرة اخرى؟ وان من قضمت اجورهم من عمال وموظفين بسطاء وغلابة سيجري اعادتها الى وضعها السابق، ام ان من دخلوا الى صفوف الفقراء الجدد وليدي كورونا، فانهم سيتعافون اجتماعيا ومعيشيا ويعيدون الى مستواهم و مربعهم الاجتماعي والطبقي السابق.

في عالم كورونا وما بعدها ، فان الانسان تحول الى رقم على الهامش. ولزوم ما لا يلزم. العالم يلهث وراء لقاح كورونا، ومن ينتج اللقاح فهو القوي الابدي على الكرة الارضية. دول تقف على الدور لتسجيل اسمائها في كشوفات وجداول الاستجداء الدولي و الانساني لتحصل على اللقاح. العالم اليوم ينضبط ويعاد ترتيب نظامه الدولي تحت ضغط اللقاح.

فمن ترحمه الدول المتقدمة وشركات الادوية العملاقة فانه سينال حصته من اللقاح. وكيف ستوزع حصة اللقاح داخل البلاد ؟ شركات الادوية ستبعث مندوبين سامين وموظفين كبارا بصفة خبراء ليدربوا موظفي الصحة على حفظ اللقاح وكيفية اعطائه للمواطنين، وترتيب مواعيد زمنية للجرعات وغير ذلك من تفاصيل اللقاح الطبية.

تصوروا العالم دخل حقبة» الاستعمار الوبائي واستعمار لقاح كورونا «. وطبعا معروف كيف تتعامل الدول المتقدمة مع العالم النامي والنائي والمنكوب وبائيا.. واذا ما شفيت من المرض او لا، لربما ان توزيع اللقاح على العالم الثالث من باب حماية المناعة الذاتية الكونية.

العالم محكوم بسطوة التكنولوجيا ونظريات الذكاء الاصطناعي والتطور المذهل في عالم الاتصالات.. شركات الادوية والغرف السوداء في العالم السري وصناع القرار الاممي هم من يقررون مصير البشرية، ويقررون مستقبل البشرية.

حراكات احتجاجية اجتماعية اصواتها الغاضبة والصاخبة من غياب العدالة والظلم الاجتماعي والاقتصادي، فستختفي حتما في زمن ما بعد كورونا. قوى را?سمال الكبرى وصناع قرار منزعجون من اطروحاتها الوطنية والاممية ، ولم يعد مهما السماع لتلك الاصوات ما دام ان اقسى ما يطمح له الانسان الشفاء من كورونا وعدم الاصابة بها، والهروب من الابادة الجماعية.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :