إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

كورونا والموت الحتمي


الكاتب : فارس حباشنة

عمان جو - في زمن كورونا الموت يشبه الحياة. الفايروس انتزع من الحياة روحها. وماذا بقى من الحياة غير القلق والخوف والرعب من فايروس يداهم يومياتنا. الانسان كائن روحاني وانا لا اميل الى النظريات المادية والبيولوجية التي تنظر للانسان مجردا من الروح واللاورائية، ورغم التقدم العلمي والتكنولوجي والمعرفي الهائل والمذهل الا ان العقل البشري ما زال مرهونا بمقولة ابن عربي: الانسان اشكل نفسه «.

في زمن كورونا الحياة فقدت رحابتها وحيويتها ونشاطها، وحتى من اقرب الناس اليك. تباعد اجتماعي وحجر منزلي وحظر اسبوعي كل يوم جمعة، وحظر شامل اشباحه تطل علينا كلما ارتفع عداد الاصابات اليومي.

هي حياة جديدة. تمارس عادات جديدة تباعد اجتماعي وترتدي كمامة، وتتجنب الاجتماعات واللقاءات العامة، وهي منظومة من الحقوق والواجبات الجديدة التي انتجتها كورونا. ونمارسها بطيب خاطر ورغبة وخوف لكي ننجو من الفايروس اللعين.

انسان كورونا، حان الاوان لنطلق هذا الاصطلاح. انسان كورونا منقوص الحرية والانسانية، ومكبوت الغزائز. انسان كورونا من طرد من عمله، ومن قضم راتبه الشهري، ولمن حرم من ابسط حقوق العيش الكريم البسيطة.

ولا ندري والعالم الان يتسابق على انتاج لقاح لكورونا، اذا ما انقشع الفايروس من حياتنا. فهل سيعود المسرحين عن العمل لوظائفهم؟ وهل تحرر الاجور من سياسة القضم الكروني؟

من يقول ان كورونا لم تميز بين الناس مخطئ بل كذاب. التمييز اتسع نطاقه في زمن كورونا، اغنياء واصحاب العمل استثمروا بالفايروس ليستغلوا العمال والموظفين، واجبارهم على العمل تحت ضغط الحاجة والفاقة. ولا يقل ما يحدث في زمن كورونا عن الحروب والنكبات والكوارث الطبيعية وغيرها.

انت تعمل لتوفر ابسط الحاجات المعيشية. ونعم في الحروب يدفعون بالفقراء والعمال الى الجبهة الاولى لكي يكونوا وقودا للحرب. وان تموت في المعركة فذلك من حظك، فانت مناضل وشهيد.

كورونا اختصرت الحياة ما بين حظر شامل وجزئي، وحجر للمرضى والمصابين، واخبار عن الاغلاقات، وارتداء الكمامة والتعقيم والتباعد الاجتماعي وانتظار انتاج لقاح. الناس البسطاء والفقراء ينتظرون اي حلول ولا تفرق معهم اطلاقا، وما يريدونه هو النجاة والخلاص.

حتى الموت فقد اتخذ معنى مختلفا في كورونا. كنا ننعى المتوفى ثلاثة ايام واحيانا اسبوعا. ولكن في زمن كورونا النعي لدقائق، والمتوفى ينسى خلال اقل من يوم. كان الانسان لا يغادر تفكيره الطبيعية، وتقلبات الطقس. الانسان يسكن في الطبيعة ويحس بها، واليوم لم يعد كذلك الانسان خائفا ومرعوبا وقلقا.

وكما يبدو فان الانسان في زمن كورونا مهدد بين اختبارين وخيارين الموت والموت الحتمي. فلا معنى للحياة، وماذا قد بقي من الحياة لنقول اننا بشر احياء. الناس في مواجهة موت حتمي وقسري، وسير بطيء نحو الموت.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :