إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

"صبية القهوة" في الأردن عمالة قد تكون قاتلة


عمان جو - طارق ديواني - على امتداد شوارع العاصمة الأردنية وأحيائها، تنتشر مقاهٍ صغيرة (أكشاك) بشكل مفرط، لتجسد واحدة من أبشع مظاهر عمالة الأطفال في البلاد.

تعتمد هذه المقاهي في عملها على الأطفال والمراهقين، الذين يحتلون جنبات الطرق لساعات طويلة، في ظروف جوية صعبة ومخاطر عدة، وهم يلوّحون للزبائن على أمل اجتذابهم، والحصول على طلبات لا تزيد قيمتها على دولار واحد قد يكلفهم حياتهم.

ويحلو للبعض تشبيه "صبية القهوة" بالفزّاعة البشرية، التي تتحرك يمنة ويسرة، أمام عشاق القهوة من الأردنيين، الذين يقُدَّر استهلاكهم سنوياً وفق إحصاءات دخل ونفقات الأسرة الأردنية بنحو 25 مليون كيلوجراماً من البن.

استياء شعبي

يعبرّ مواطنون عن استيائهم وقلقهم من هذه الظاهرة، التي تمثل استغلالاً واضحاً للأطفال والمراهقين وانتهاكاً لطفولتهم، ويطالب هؤلاء مراراً عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، الجهات المعنية بالتدخل خصوصاً، بعد تسجيل العديد من حالات الدهس.

تقول أمانة عمّان، وهي الجهة التي تمنح التراخيص لهذه المقاهي، إن التعليمات تمنع تشغيل الأطفال، كما تمنع أيضاً خدمة المناولة وتقديم الطلبات، والاكتفاء بالخدمة الذاتية، لكن أصحاب هذه المقاهي لا يلتزمون بالتعليمات طمعاً في الربح المادي.

في المقابل، نفَّذت الجهات المعنية، حملاتِ تفتيشٍ هذا العام على بعض المقاهي سجلت خلالها 90 مخالفة، لكن الأرقام أكبر من ذلك بكثير بحسب مختصين ومراقبين.

وفق دائرة رخص المھن والإعلانات، فإن عدد المحال المرخصة لتقدیم القھوة السائلة في جمیع مناطق العاصمة 104 محلات، بينما يصل عدد غير المرخصة إلى أكثر من 2000 محل.

يبرر أصحاب المقاهي اللجوء لتشغيل الأطفال والمراهقين بتدني أجورهم، ويقول أحدهم لـ اندبندنت عربية"، "لدي مراهقان يعملان بأجر شهري لا يتجاوز 100 دولار لكل منهما"، مستدركاً "لكنهما يحصلان على إكراميات جيدة من الزبائن".

ويشير آخر إلى الظروف الاقتصادية الصعبة، التي خلفتها جائحة كورونا في الأردن والتي دفعت كثيراً من الأسر لتشغيل أبنائها في هذه المهن، بخاصة في ظل اعتماد التعليم عن بعد، وعدم التحاق الطلبة بمدارسهم.

مخاطرة من أجل دولار

يلوّح محمد يومياً لساعات طويلة، بطبق تقديم القهوة للسيارات المارّة، وما أن يلتقط أحد الزبائن، يهرول إليه مسرعاً غير آبه بخطر دهسه على الطريق، ولا نظرات وتمتمات السائقين الغاضبين من توقف حركة السير وتعطيلها.

يقول في حديث لـ"اندبندنت عربية"، إن ظروف عائلته الصعبة أجبرته على هذا العمل، طامحاً في المستقبل بامتلاك مقهاه الخاص، مشيراً إلى أنه يكسب دخلاً جيداً من هذه المهنة الشاقة.

بينما يتحدث رب عمله بمرارة عن التكاليف الجديدة، التي ترتبت على مهنتهم كارتفاع رسوم الترخيص، وازدياد المنافسة نظراً لارتفاع عدد المقاهي.

ويحذر أخصائيون اجتماعيون من مساوئ هذه المهنة، إلى جانب مخالفتها حظر عمالة الأطفال، إذ إنها لا تكسب هؤلاء اليافعين أية مهارات عملية يواجهون فيها حياتهم المستقبلية.

في حين يتحدث آخرون عن شبهة ترويج المخدرات عبر هذه المحال، ووضعها في القهوة، و تباع بأسعار مرتفعة لزبائن مخصصين.

كورونا فاقمت الظاهرة

من جهة ثانية، أظهر مسح وطني لعمالة الأطفال في 2016، تضاعُف عدد الأطفال العاملین في الأردن، لیتجاوز 69 ألفاً، معظمهم يعملون في أعمال خطرة، وبعضهم يتعرضون للاستغلال الجسدي، وتلقي سلوكيات اجتماعية سيئة، خاصة مع تطور مهنة صبية القهوة إلى التوصيل للمحال التجارية المجاورة، وحتى المنازل في الأحياء.

وتحظر المادة 73 من قانون العمل الأردني تشغیل الأطفال والأحداث، إلا أن المئات من هؤلاء لا زالوا يشكلون أساس مهنة بیع القھوة السائلة، التي أُوقِف ترخيصها منذ عام 2007.

كما أن الغرامات التي لا تزيد عن 700 دولار، لا يبدو أنها تشكل رادعاً لأرباب العمل الذين يفضلون استخدام الأطفال والمراهقين.

وفي حين فاقمت مشكلة اللجوء السوري الظاهرة، بسبب انخراط الأطفال السوريين في العمل لمساعدة ذويهم، تطالب المنظمات العمالية والحقوقية، بإلغاء قانون الدفاع الذي أعلنته الحكومة الأردنية قبل أشهر لمواجهة جائحة كورونا، كون هذا القانون يسهم في زيادة ظاهرة عمالة الأطفال


انديبنت عربية




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :