إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

أزمة الصحافة في الأردن تتفاقم ودعوات لدعم حكومي ينقذها من الانهيار


عمان جو - رصد

تفاقمت معاناة الصحف اليومية المطبوعة في الأردن خلال الشهور الأخيرة بسبب تداعيات جائحة “كورونا” واضطرت لاتخاذ المزيد من الإجراءات التقشفية، وذلك رغم أنها تعاني من أزمة مستمرة منذ سنوات وسط دعوات للحكومة لتقديم دعم مالي يُؤدي إلى إنقاذ الصحافة التقليدية ويمنع انهيارها واختفاءها.

وخلال السنوات الأخيرة اضطرت العديد من الصحف المطبوعة اليومية والأسبوعية إلى التوقف عن الصدور في الأردن بعد انتشار الصحافة الإلكترونية واتجاه سوق الإعلان إلى الإنترنت، حيث اضطرت مطلع العام الحالي 2020 جريدة “السبيل” التي كانت أكبر صحف المعارضة وكانت محسوبة على التيار الإسلامي إلى التحول إلى موقع إلكتروني والتوقف عن الطباعة بشكل نهائي، فيما سبقتها إلى ذلك يومية “الديار” وقبلها بسنوات انهارت جريدة “العرب اليوم” التي كانت أشهر المطبوعات اليومية في الأردن.

وفاقمت أزمة “كورونا” من معاناة الصحف اليومية الثلاث الكبرى في الأردن، خاصة بعد صدور قرار حكومي يحظر طباعة وتوزيع الصحف ويفرض حظر تجوال ليلي طوال الأسبوع في مختلف أنحاء الأردن، وحظر تجوال طوال النهار والليل خلال عطلة نهاية الأسبوع، وهو ما كان يعني بالنسبة لهذه الصحف أن أعمالها باتت شبه معطلة وأن إيراداتها المالية انزلقت إلى الصفر تقريباً.

وقال مصدر صحافي أردني لــ”القدس العربي” إن الصحيفتين الأكبر في الأردن لم تعودا تدفعان الرواتب للموظفين فيهما، بما في ذلك الصحافيون، منذ نحو أربعة شهور، أي منذ بدأت أزمة كورونا وتوقفت هذه الصحف عن الطباعة، فيما لا تزال الأمور المالية متعثرة وغامضة على الرغم من عودة الصحف إلى العمل بشكل طبيعي بعد أن عادت الحياة في الأردن.

وكشف أنه “إلى جانب إن الصحيفتين لا تدفعان الرواتب فإن الثالثة اضطرت إلى طباعة أعدادها خمسة أيام في الأسبوع بدلاً من سبعة، واضطرت إلى خفض رواتب العاملين فيها، إضافة إلى تشجيع الموظفين على الاستقالة طوعاً”.

وشرح الصحافي الذي طلب عدم نشر اسمه بأن “أسباب تفاقم الأزمات المالية التي تعاني منها الصحف الأردنية عديدة” مشيراً إلى أنه “إضافة إلى الأسباب التي أوجدت هذه الأزمات في السنوات الأخيرة فإن أزمة كورونا أدت إلى تعطيل عمل المحاكم والقضاء لمدة ثلاثة شهور وهو الذي كان أحد المصادر المهمة للإعلانات وبالتالي الايرادات المالية، فضلاً عن أنَّ الإغلاق عطّل أنواعاً أخرى من الإعلانات التجارية التي تشكل هي الأخرى مصدراً للإيرادات المالية”.

وكشف الصحافي الأردني باسل الرفايعة في منشور على “فيسبوك” قبل أيام أن جريدة “الغد” التي كان هو أحد مؤسسيها في العام 2004 قامت مؤخراً بوقف المكافآت المالية المخصصة لأربعة من كبار الكتاب في الجريدة والأردن، بينهم النائب السابق في البرلمان جميل النمري، إضافة إلى الأستاذ في الجامعة الأردنية حسن البراري والكاتب الساخر أحمد أبو خليل والكاتب إبراهيم غرايبة.

وقال الرفايعة إن الصحيفة أوقفت الكتاب الأربعة الذين لطالما كانوا يساهمون في صناعة المحتوى، وعندما سُئلت الصحيفة عن السبب قالت إنها “لم توقفهم عن الكتابة وإنهم يستطيعون الاستمرار بالكتابة في الجريدة ولكن بالمجان”.

وأضاف: “المنطقُ التجاري لخفض النفقات، ينطوي على غباء مهني واضح. فالصحيفة، ليس لديها وسائل للحصول على سلعة خاصة تبيعها، سوى المواد الإخبارية الحصرية، والتحقيقات الاستقصائية، وهذا النوع من الإنتاج انتهى مع تدجين الصحيفة سياسياً، ثم لديها المقالات لكتّاب مُكّرسين ومتنوعين فكرياً وسياسياً، وهؤلاء لديهم جمهورهم، الذي يشتري الصحيفة ويتصفحها إلكترونياً، وتالياً يجذب المعلن، وهذه أبجديات، لكنّ الأمر في الأردن أكثر تعقيداً من هذا التبسيط”.

دعم حكومي

وتصاعدت الدعوات في الأردن مؤخراً بضرورة أن تقوم الحكومة بتقديم الدعم اللازم لإنقاذ الصحف اليومية، وذلك تجنباً لاختفاء الصحف الورقية من الأسواق بشكل كامل.

وكتب الصحافي محمد حسن التل، وهو أحد أكبر المساهمين في يومية “الدستور” مقالاً مؤخراً يدعو فيه الحكومة لإنقاذ الصحف بتقديم الدعم المباشر لها.

وقال: “إن ما تمر به الدستور من ظروف صعبة هو جزء من أزمة كبيرة تعصف بالصحافة اليومية في الأردن والعالم، نتيجة ظهور الصحافة الإلكترونية التي اجتاحتنا بشكل كبير” مشيراً إلى أن “القوانين في الأردن لا تعفي الصحف من أي رسوم وتعاملها معاملة كل الشركات التجارية، فيما غاب عن الكثيرين أن هذه الشركات الربح فيها يأتي في آخر سلم أولويات القصد من وجودها، لذلك طالبنا منذ زمن بأن تقوم الحكومات بإعفاء المؤسسات الصحافية من مختلف أنواع الضرائب والرسوم والجمارك، حتى يخف الثقل المالي عن هذه المؤسسات، لتستطيع الاستمرار في مهمتها الوطنية”.

وتابع: “من غير المنطق والمعقول أن تترك الصحافة اليومية لكي تموت موتا بطيئا ويبقى الأردن بلا صحف، حيث لا توجد أي دولة في العالم بلا صحف”.

وخلص التل إلى القول إن “إنقاذ الصحف اليومية لا يتطلب مبالغ ضخمة بل من الممكن ومن السهولة بمكان إذا توفر القرار السياسي لإنقاذها أن تحل معضلتها بشكل معقول يؤمن استمراريتها ويحفظ لأبنائها العاملين بها من صحافيين وكوادر فنية أرزاقهم ومهنتهم. إن الدستور والرأي والغد مؤسسات وطنية كبرى قدمت للبلد أكثر مما قدمت معظم الشركات على الساحة الأردنية، وكانت منابر حق تدافع عن الأردن بكل قوة، وكان حبر أبنائها يقطر وفاء وانتماء للأردن كدولة بكافة مفاصلها، لذلك من الواجب على الجميع أن يقفوا اليوم إلى جانب هذه المؤسسات والزملاء فيها، حتى تعبر هذا المنعطف الخطير الذي يهدد وجودها، لتظل تؤدي واجبها الوطني بكل قوة واقتدار”.

يشار إلى أنَّ الأزمة المالية داهمت العديد من الشركات في الأردن بسبب الإغلاق الكبير الذي تسبب به انتشار وباء “كورونا” كما وصلت الأزمة إلى الحكومة التي اضطرت إلى وقف العلاوات والحوافز والبدلات التي كان يتقاضاها بعض الموظفين من أجل توفير الأموال، كما فتحت صندوقاً لتلقي التبرعات من المواطنين والشركات.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :