إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

الإخوان المسلمون يشاغبون سياسيا ضد الحكومة الأردنية بسبب "حفتر"


عمان جو - طارق ديلواني

تخلّت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن عن سياستها التي اتسمت بالحذر، والمهادنة للحكومات المتعاقبة منذ العام 2012، وبعيد أفول ثورات الربيع العربي، وبدا أنها ذاهبة باتجاه الصدام والتشويش على المواقف الأردنية الرسمية، خصوصاً فيما يتعلق بالسياسة الخارجية للمملكة، وصعّدت الجماعة من لهجتها الناقدة للحكومة خلال الأسابيع القليلة الماضية، وأبدت تبرمها من قراراتها الداخلية، والخارجية على نحو غير مسبوق، ذلك مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية صيف هذا العام.

شغب سياسي

الجماعة مارست على مدار الساعات الماضية شغباً سياسياً ضد الدولة، وتنمراً إلكترونياً طال وزير الخارجية أيمن الصفدي، بعدما أعلن في تغريدة عن ترحيب المملكة بإعلان القاهرة حيال الوضع في ليبيا.

الوزير الأردني قال في التغريدة التي أثارت غضب الإخوان المسلمين "نثمن جهود مصر الشقيقة التي أثمرت "إعلان القاهرة" الذي رعى الرئيس عبد الفتاح السيسي إطلاقه، والذي يشكل إنجازاً مهماً ومبادرة منسجمة مع المبادرات الدولية التي يجب دعمها للتوصل لحل سياسي للأزمة الليبية يحمي ليبيا الشقيقة، ووحدتها واستقرارها عبر حوار ليبي".

موقف الصفدي من الأزمة في ليبيا كان يعبّر تماماً، بحسب مراقبين، عن سياسة الأردن الخارجية التي يقودها الملك الأردني عبد الله الثاني، والتي تحاول دائماً إمساك العصا من منتصفها، والوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، والنأي بالنفس عن الأحلاف، لكن هذا الموقف لم يرُق على ما يبدو لجماعة الإخوان المسلمين، التي أعلنت عبر ذراعها السياسي "جبهة العمل الإسلامي" رفض تصريحات وزير الخارجية، وطالبت على لسان رئيس كتلتها النيابية في مجلس النواب الأردني عبد الله العكايلة الحكومة بكشف ما سمته حقيقة علاقتها بالمشير خليفة حفتر.

كما نشرت قناة اليرموك الفضائية الممثِلة للجماعة، استطلاعاً للرأي حول تصريحات وزير الخارجية الأردني، لم يخل من التعليقات الناقدة المسيئة أحياناً، أو تلك التي تتهم المواقف الرسمية الأردنية بعدم التناغم مع مواقف الشارع.

ثنائية حفتر والسراج أردنياً

وجه نواب الجماعة في البرلمان الأردني أسئلة اتهامية للحكومة من قبيل حقيقة تزويد الأردن القوات التابعة لخليفة حفتر بالأسلحة، وتقديم خدمات لوجستية لها، وترتكز الجماعة في اتهاماتها على التقرير الأخير الذي أعدّه خبراء من الأمم المتحدة بشأن ليبيا، وسُلّم إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي، ورد فيه ذكر الأردن باعتبارها إحدى الدول التي انتهكت حظر الأسلحة المفروضة على البلاد منذ إسقاط نظام معمر القذافي عام 2011.

لكن الحكومة تجاهلت تماماً ما ورد في هذا التقرير، ولم تعلق عليه، بينما أكدت مصادر حكومية لـ "اندبندنت عربية" أن "الأردن مهتم فقط بالحصول على حصة من ملف إعادة إعمار ليبيا سعياً لإنعاش اقتصاده".

تأييد التدخل العسكري التركي

في المقابل أبدت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن عبر أذرعها الإعلامية، دعماً واضحاً للطرف السياسي الآخر في معادلة الصراع في ليبيا ممثلاً بحكومة الوفاق، ولم تخفِ الجماعة تأييدها للتدخل العسكري التركي في ليبيا واعتبرته مشروعاً، ومبرراً.

تصر جماعة الإخوان في معرض احتجاجها على السياسة الخارجية للأردن، على أن المملكة تدعم حفتر، بدليل استقباله بحفاوة عام 2015 من قبل العاهل الأردني، لكنها تتغافل عن زيارة مماثلة قام بها خصمه السياسي فائز السرّاج عام 2018، وحظي وقتها أيضاً باستقبال وحفاوة ملكية.

خلاف أم اختلاف؟

باستثناء الموقف مما سمي بـ "صفقة القرن"، ورفضها، لا تكاد تجد توافقاً في المواقف السياسية بين الحكومة الأردنية، وجماعة الإخوان المسلمين.

ففي عام 2014 خرجت الجماعة ببيان غريب ترفض فيه أي دور للملكة في محاربة "داعش" ضمن الائتلاف الدولي ضد التنظيم الإرهابي بحجة أنها ليست حرب الأردن، على الرغم من اكتواء المملكة بنيران إرهاب "داعش".

كما رفضت الجماعة الزيارة التي قام بها العاهل الأردني إلى مصر عام 2013، ووصفتها أنها بمثابة إضفاء للشرعية على رئاسة عبد الفتاح السيسي.

ليست الأزمة الليبية العنوان الوحيد للصدام بين الحكومة والجماعة، فمناخ التهدئة المؤقتة بين الطرفين أصبح هشاً، بعد أن رفض الإخوان مطلع العام الحالي التدخل في أزمة إضراب نقابة المعلمين التي يُعتقد أن قياداتها على صلة بالجماعة، وتصدت الجماعة للمطالبة بتقليص صلاحيات الملك، ويرى مراقبون أنها بذلك أفسدت الفرصة الثانية التي منحتها لها الدولة الأردنية في أعقاب تصدرها الحراك الشعبي المطالب بإسقاط النظام عام 2011 الذي انكفأ على نفسه وتحول إلى حراك مناطقي.

قلق وقرار قضائي

يفسر مقربون من الجماعة المواقف الصدامية الأخيرة مع الحكومة على أنها ترجمة فعلية للقلق من رضوخ الأردن لضغوط عديدة من قبل واشنطن لحظرها، فعلى أرض الواقع، أصدر القضاء الأردني قبل حوالى عام حكماً قضائيا قطعياً اعتبر الجماعة منحلة، وغير قانونية، ويجب عليها الترخيص.

وتتكئ الحكومة الأردنية على هذا القرار القضائي كورقة ضغط عند الحاجة، أو كلما تصاعد الشغب الإخواني إلى مستويات غير مسبوقة، ولا يخفي قادة في جماعة الإخوان قلقهم من عدم العودة إلى البرلمان في الانتخابات المقبلة، وهو ما يفسر ارتفاع وتيرة "الشغب السياسي" الذي يمارسه نوابها تحت قبة البرلمان الأردني، خصوصاً بعد تراجع شعبيتهم في الشارع الأردني، وتشظيها، وانقسامها إلى جماعات عدة وتيارات متصارعة.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :