إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

ماذا فعل الملك؟


عمان جو. لا بد أن أوضح بداية، بأنني لا اكتب هذا المقال لأسأل عن ما فعل الملك، فلست من يسأل مثل ذلك، وليس أبو الحسين من يُسأل عن مثل هذا، إنما هي جردة حساب أستوقف بها نفسي ومن يقرأ سطوري مجتهداً ما استطعت، لتوثيق فصول معركة أردنية مع جائحة ستغير وجه العالم وتعيد ترتيب الموازين والقوى الإقليمية والدولية.

وباء الكورونا المستجد أفسد كل نظريات القوة، وحطم أساطير أنظمة صحية كانت بالأمس القريب مدعاة فخر لدولها، حتى إذا ما أتاها وباء قادم من الشرق، ترك أهل العلم أمرهم لإرادة السماء، واستعد أهل دهاء السياسة لمفارقة الأحباب، ودول كان الأردنيون يقفون على أبواب سفاراتها انتظاراً لتأشيرة هي فرصة للعمر، غدا الرجوع منها لحضن الوطن حلماً للبحث عن الأمان، لما لا وقد مثّل الأردن في ظل هذه الظروف رقماً صعباً غير كل المعادلات، فتجاوز في قوته حدود موارده، عبر قدرة منقطعة النظير في استثمار هذه الموارد المحدودة وتوظيفها، وسلسلة من الإجراءات أذهلت العالم في تراتبها ومراعاتها لكل المتغيرات.

ولنضع النقاط على الحروف، ولنراجع معاً كيف بدأت هذه الإجراءات وكيف تسارعت، ومن أمسك بخيوطها، فهذا التغير في الأداء الحكومي، وارتقاؤه المفاجئ، كان وراءه قيادة شجاعة مدركة لحجم الخطر، أظهرت وعياً استراتيجياً عميقاً في تسخير الموارد والطاقات لبناء قوة تفوق حجم التهديد، فماذا فعل الملك للوصول بالأردن لمثل ذلك؟

قطعاً هو الملك لمن ما زال يسأل، هو من أمر ووجه وتابع أدق التفاصيل، ولأذكركم هنا كيف وقفنا تائهين أمام إصابة واحدة لأشهر مريض كورونا في الأردن «محمد الحياري» عافاه الله وسلمه، ولأذكركم بالعامية كيف غرقنا في «عجقة» تصريحات، «ولخمة» إشاعات وتسريبات، ومهاترات إعلامية حول وجود جهاز فحص حرارة في المطار من عدمه، إلى أن جاء الملك من ذات المطار متجهاً إلى مركز الأزمات، وأمر بتشكيل خلية أزمة لا تغادر المكان، ولأذكركم كذلك كيف مضت كل الإجراءات بتعطيل المدارس والجامعات، وإيقاف وسائط النقل وإغلاق الدوائر والمؤسسات، كل ذلك كان سبقه بأيام تأكيدات أن لا شيء من هذا سيحدث وأنها مجرد شائعات، والحمد لله أنها لم تكن شائعات وأن الملك أمر بها وإلا لتحول عرس إربد إلى أعراس، وامتدت عمارة الهاشمي لأحياء وحارات، مع التأكيد هنا أننا نقدر جهوداً مضنية بذلتها وزارات وأجهزة عسكرية ومدنية، وكان الملك أول من دعمها وقدرها.

واليوم من جديد، الملك هو من يوجه، وهو من يؤشر على مكامن الخطر والتهديد، وهو أيضاً من يفتح أعيننا على سبل النهوض من جديد، ولنتوقف عند خبر مر على الكثيرين مرور الكرام: «الملك يحث على بذل الجهود لتوسيع القدرات المحلية لإنتاج الأدوية والمستلزمات الطبية»، وخبر سابق دعا به الملك إلى:» وضع خطة للاستفادة من الموارد المحلية عبر تصدير المنتجات الصناعية التي يزيد الطلب عليها خارجياً، وأكد على تطوير عملية «التعلم عن بعد»، خبران سينقلانصسئئ للجزء الآخر من المقال كما سينقلان الأردن في الواقع إلى مستقبل من القوة والحداثة إن أحسنا الاستماع والتنفيذ لما يوجه إليه الملك حيث ينبهنا إلى أكثر الموارد أهمية في عصر الكورونا.

نعم هو عصر الكورونا الذي بات فيه برميل النفط بحفنة دولارات، وهو زمن ستنفق فيه دول كل براميلها ثمناً لأجهزة تنفس وكمامات إن وجدت، وستستبدل فيه دول حروب النفط بحروب المستلزمات الطبية والأدوية، ولنا أن نفهم ونحلل ما يدور من اتهامات تكيلها دول لأخرى بالسطو والاستيلاء على شحنات طبية كانت لها، فإسبانيا تتهم تركيا، وألمانيا تسوق اتهاماً مشابهاً للولايات المتحدة، وهو ما طال التشيك من اتهام وجهته إيطاليا، حتى الكحول والمعقمات تم السطو عليها في عرض البحر لصالح دول ومافيات.

ونعود هنا للأردن الذي يعد من أفضل دول المنطقة والعالم في الصناعات الطبية والدوائية ومستلزماتها، وأفضلها في صناعة البرمجيات، ومحتوى إلكتروني الأضخم عربياً، وهي فرص ننطلق بها اليوم نحو عالم بات يؤمن بأهمية التعلم عن بعد، عالم ستختفي فيه النقود الورقية عن قريب عبر تطبيقات ذكية للشراء عن بعد، وهو ما يوجهنا الملك لاستثماره إن أمعنا قراءة توجيهاته في الخبرين السالف ذكرهما، ونيقن هنا أن الملك وضع خططاً لدعم هذه التوجيهات وتنفيذها، ولم يبق علينا سوى حسن التنفيذ، والانطلاق لمستقبل ما بعد الجائحة كنمر اقتصادي صاعد.

جملة القول، يصنع الأردن اليوم أنموذجاً لا بد من توثيقه، سيرسم للعالم قواعد جديدة في بناء عناصر القوة التي لا تتوقف عند كم الذخائر والسلاح، أو عدد الصواريخ والمشاة، بل أنموذجا يقوده الملك عبدالله الثاني، بحكمة تحول التحديات إلى فرص، عبر مزيج من عناصر القوة المادية والمعنوية ذات أثر هائل، ويروي لنا التاريخ كيف أن أمماً وشعوباً امتلكتها من قبل فحققت المعجزات... ولما لا نفعلها نحن اليوم؟ ولما لا يغير الأردنيون خارطة المستقبل بإذن الله؟

ختاماً، عرّف أسلافنا الحكمة بأنها: «فعل ما ينبغي، على الوجه الذي ينبغي، في الوقت الذي ينبغي» وهو ما يقودنا الملك لفعله اليوم، ومطلوب منا أن نثق بقدرتنا على التنفيذ، إن نحن اجتمعنا ومضينا متكاتفين في ظل لواء عميد القادة العرب، الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه، الله وسدد على طريق الخير خطاه




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :