إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

قانون الاعسار بين مطرقة البنوك وسندان الحكومة ..


عمان جو -
سنة على التطبيق بلا نتائج ؟ من المستفيد ؟
ليس من باب المجاملة ان الحكومة الحالية قد خطت خطوات جيدة وفاعلة في اقرار بعض القوانين الهامة والتي كانت ذات اثر كبير في التعجيل بتحريك النمو الاقتصادي حتى وان لم نلمس اثرها بعد ولكن على المدى القريب "يفترض" كما وعدنا رئيس الحكومة الحالي الدكتور عمر الرزاز وفريقه الاقصادي ان يلمس المواطن تلك الحزم المجتمعه.
ومن ضمن هذه الحزم جاء اقرار قانون الاعسار رقم 21 لسنة 2018 ، والذي يكون بعد عدة ايام قد شارف مرور عام كامل على سريانه، وقانون الاعسار يا سادة بقي حبيس الادراج الحكومية لأكثر من 12 عاما حتى كتب الله فرجا وانفراجا وقرارا بطرحه للمداولة والنقاش ثم اقرارا بصيغته التي بين يدينا ،وليس ايضا من باب الانتقاد اللاموضوعي الا ان القانون اصبح ضرورة بعد تراجع ترتيب الاردن في تقرير مستوى الاعمال المتعلق بسهولة ممارسة انشطة الاعمال الصادر عن البنك الدولي كل عام Doing Business، قانون الاعسار Insolvency Law وضع لجهة حماية الشركات من الإفلاس ولضمان حقوق جميع الأطراف من دائنين ومدينين، و بما يصب في المحصلة بتحفيز معدلات النمو الاقتصادي وتعزيز الثقة بالبيئة الاستثمارية في الاردن وفلسفة القانون ببساطة هي اعادة الثقة و السماح للشركات بإعادة تنظيم مديونيتها وفق خطة نشاط اقتصادي واضحة المعالم شريطة موافقة الدائنين، كما أنه ينظم تطبيق إجراءات الإعسار الأجنبية داخل المملكة وفق أحكام الاتفاقيات التي تكون المملكة طرفاً فيها.
ولعل أبرز التسهيلات التي تضمنها مشروع القانون إتاحته للدائن إمكانية الاقتراض من جديد وبشروط ميسرة تحميه من الملاحقة الجزائية وتنفي الصفة الجنائية عن الالتزامات المالية للشخص المعسر ويساهم في منع الدائنين من التصرف السريع بموجودات المدين، كما أنه يبين طرق وآليات سداد ديون المدين المعسر من موجودات ذمة الإعسار، وليس خفيا على ممارسي القانون ان القانون استند بشكل اساسي على دليل الأونسيترال التشريعي لقانون الإعسار الذي اعدته لجنة الامم المتحدة للقانون التجاري الدولي في دورتها 59 لسنه 2004 مع بعض التعديلات ، امام هذه الوضعية والتي يصعب معها التنظير والتحليل بعد اقرار القانون الذي يفترض ان ياخذ مساره الطبيعي بالتطبيق والتنفيذ لكن المفاجاه حدثت عندما رفضت كل الدعاوى التي قدمت امام المحكمة المختصة مكانيا وهي محكمة البداية التي يقع ضمن اختصاصها مركز المصالح الرئيسية للمدين حسب تعريف المادة (2) من القانون ، ولا اشكك بقدرة قضائنا على تمييز الغث من السمين والصحيح من الباطل في تبرير الرد الشكلي للدعاوى وانما عندما يصل الامر الى رد كل الدعاوى شكلا وموضوعا هنا يستلزم الوقوف ملياً على ابعاد وتأثير هذا القانون على الجهات المؤثرة على منع انفاذه بصورة او بأخرى حماية لما يسمى ((المصلحة الوطنية العليا)) للمؤسسات المالية (البنوك الاردنية المرخصة) والتي تخشى مما تخشاه ان يؤثر هذه القانون على اموالها الضامنة وتخوفا من اثار اشهار الاعسار الواردة في المادة (17) من القانون وما بعدها فضلا على ان المادة 22 /أ من القانون نصت على انه ( ...لا يجوز التنفيذ على اموال المدين بعد اشهار الاعسار وتوقف اجراءات التنفيذ التي بدأت قبل اشهار الاعسار ..الخ) وعليه ولما كانت البنوك تمارس ضغوطها المشروعه من خلال حبس المدين فانه بلا شك يكون هذا القانون حجر عثرة وما يشكله من اثار و مانعا مؤقتا من تحصيل البنوك قرضها والفوائد المتراكمة و لما اعتادت عليه من ممارسه ضغوطها على العميل المتعثر من بيع امواله المنقوله وغير المنقوله وحبسه المدة القانونية المرة تلو المرة ؛ وهي بالتالي الخاسر الاكبر من اقرار هذا القانون وقد نجحت بطريقة او بأخرى بعرقله تنفيذه في مواجهه المتعثرين الحقيقيين في هذا الوقت الصعيب الذي يمر على مئات الانشطة الاقتصادية والمؤسسات الفردية والتجار واصحاب المهن حسب تعريف المادة (3 ) على من يسري عليهم القانون ، اما الحكومة فانها لم تعزز من وجود القانون وساعدت في عرقلة تنفيذه خشية على البنوك او من سطوتها وتأثيرها او لاسباب لا أعرفها والمطلوب هو اخراج المتعثر صاحب اليد القصيرة من مطرقة البنوك والتي تطالب بحقوقها وهذا حقها وحق المساهمين فيها وسندان الحكومة والتي ترى في تطبيقه الافصاح عن انهيار مئات المنشآت الاقتصادية وهي في حقيقتها ليس انهيارا بقدر ما هو اعادة تصحيح مسار المتعثرين فاما خارج السوق او استمراره حسب الاصول والا من المستفيد من حبس المدين المتعثر ؟ والسجون تعج بهم وهم بلا حول ولا قوه الا ان الظروف الاقتصادية الصعبة هي التي اودت بهم الى هذه النهاية ، وهذا على ما يبدو جديدا على نظام استمر لاكثر من خمسين عاما، فكان قانون الاعسار بعد سنه بلا تطبيق حقيقي ولا عدالة ناجزة تحمي الطرف الضعيف في هذا الوقت الصعب ومن تغول سلطة البنوك التي اثرت الصحف المحلية بالبيوعات واعلانات المزادات وربما حقق القانون مصلحة وحيدة في النهاية الا وهي ارضاء البنك الدولي باقراره على مجلس النواب ان يراقب بدروه المطلوب اهمية تطبيق هذا القانون فهو الشريك الاول بأقراره مع الحكومة .
المحامي اسامة موسى البيطار




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :