إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

الشرق الاوسط الجديد والفوضى الخلاقة


الكاتب : الاستاذ الدكتور عبدالرزاق الدليمي

عمان جو - البروفسور عبدالرزاق الدليمي

نتذكر جميعا عندما اطلت كونليدارايز بترويج مصطلح الفوضى الخلاقة Creative Chaos) هو مصطلح سياسي - عقدي يقصد به تكون حالة سياسية بعد مرحلة فوضى متعمدة الإحداث تقوم بها أشخاص معينه بدون الكشف عن هويتهم وذلك بهدف تعديل الأمور لصالحهم، أو تكون حاله إنسانية مريحة بعد مرحلة فوضى متعمدة من أشخاص معروفه من أجل مساعده الآخرين في الاعتماد على نفسهم.  ) على الرغم من وجود هذا المصطلح في أدبيات الماسونية  القديمة حيث ورد ذكره في أكثر من مرجع وأشار إليه الباحث والكاتب الأمريكي دان براون إلا أنه لم يبرزدعائيا إلا بعد الغزو الأمريكي للعراق الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس جورج دبليو بوش في تصريح وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس في حديث لها أدلت به إلى صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية في شهر نيسان 2005، حيث انتشرت بعض فرق الموت ومنظمات إرهابية مثل شركة بلاك ووتر الأمنية.

في 27 حزيران 2005، ألقت  كونداليزا رايس عندما كانت تشغل حينها وزير الخارجية محاضرة مثيرة للجدل في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، قالت فيها ((إننا يجب أن نتطلع جميعاً إلى مستقبل تحترم فيه كل الحكومات إرادة ورغبات مواطنيها، لأن المثل الديمقراطية هي مثل عالمية. لقد سعت الولايات المتحدة لمدة 60 عاماً من أجل تحقيق الاستقرار على حساب الديمقراطية في الشرق الأوسط، لكننا لم نحقق أياً منهما، والآن نحن ننتهج أسلوباً آخر، فنحن ندعم التطلعات الديمقراطية لكل الشعوب.إن هدفنا هو مساعدة الآخرين في العثور على الأسلوب المناسب للتعبير عن آرائهم والحصول على حريتهم واختيار طريقهم. عندما نتحدث عن الديمقراطية فإننا نقصد التحرر أو التخلص من دقات الشرطة السرية على الأبواب في منتصف الليل)).
علق أحد الحضورين على كلام كونداليزا قائلاً ، إن الديمقراطية قد تأتي بأعدائها إلى الحكم، ما جعل رايس ترد متفوهة بالعبارة التي اشتهر جزؤها الأخير ((لقد ولد الإرهاب الذي ضرب الولايات المتحدة في عقر دارها، في ظل أنظمة شمولية لا ديمقراطية، لهذا فإن التغيير مرغوب حتى وإن قاد إلى  فوضى خلاقة)).

اما مصطلح (الشرق الأوسط) فهو من موجبات نهاية الحرب العالمية الثانية وبداية مرحلة الحرب الباردة حيث بدأ تداوله سياسيا في خمسينيات القرن الماضي، بهدف تذويب الهوية الوطنية والقومية لشعوب المنطقة وفي الاساس منها الشعب العربي وايجاد مسمى هجين يحول الوطن العربي إلى واقع مختلف يسمى بالشرق أوسطية، غايته إدخال دول غير عربية مثل تركيا وإيران في ما يسمى بالإقليم الشرق أوسطي تمهيدا لإضفاء الشرعية على الكيان الصهيوني .


مثل حلف بغداد 1955،بداية مشروع الشرق اوسطية بمحاولات سياسية لتحقيق الأغراض نفسها، الا ان مصطلح الشرق الأوسط تمكن من التسلل بشكل واضح إلى الخطاب السياسي والإعلامي وحتى الشعبي بعد احتلال العراق عام 2003 ، من غير أن يدرك كثيرون منهم إلى ما يحمله المفهوم من اهداف خبيثة وتدليس وتشويه للحقائق والواقع في (المنطقة).

 

ان الغرب الراسمالي الذي توجهه الشركات متعدية الجنسية المملوكة للصهيانه يمنهج خططه لاحكام سيطرته على العالم وتحديدا الوطن العربي برضا وتعاون القوى الكبرى او رغما عنها

ولعل انفراط الاتحاد السوفيتي ونهاية ماحدده الغرب بالخطر الاحمر (الشيوعية ) ومحاولة الغرب الاستمرار في قيادة العالم بوجود عدو ومنافس بديل برز في الواجهه الخطر الاخضر (العرب والاسلام) لذلك تابع المعنيين في العالم كيف طبلت اجهزة الدعاية المتصهينة لارغام العالم تقبل اكذوبة ربط الارهاب بالاسلام والمسلمين وكانت مسرحية احداث 11 سبتمبر المثيرة للسخرية ايذانا باعلان الحرب على العرب والاسلام ولم يكن تصريح جورج بوش الابن حينها صدفة او زلة لسان  فقد اعلن ان حربه على المسلمين هي حرب مقدسة وحملة صليبية.

 أن ما يحدث في الشرق الأوسط اليوم في بعض ملامحة يمثل وجها من اوجه صدام الحضارات وبديهي إن الحضارة التي تبنى على الأخلاق والقيم والعدل والمساواة ومحاربة الظلم والفساد، وتمكن الإنسان من التوفيق بين حاجياته المادية والروحية، لا يمكنها التعايش مع تجارب منافية لذلك، وطبيعي ان يكون التنافر والصراع بين الارادتين، وكان للغرب خططه الاستباقية في التآمر على العرب والمسلمينفي خطوات مدروسه لمنعهم من الاستفاقه والنهوض.

ان الظروف التي تسببت في الانتفاضات التي اجتاحت الوطن العربي،قبل اكثر من ثمان سنوات لاتزال هي ذاتها تمثل طوق يقض مضاجع الشعب العربي  في بلدان كثيرة ولذلك فان فرصة ايقاض النار من تحت هشيمها لازال قائما وقد يدفع بالجماهير الى ثورة شعبية كما يحدث في السودان والجزائر الان، ولم تفوت الدول الامبريالية فرصتها في استغلال الأحداث ومحاولة إلامساك ببعض خيوط فيها، وهذا ما يجعلنا نخشى من ان تنحرف نتائج الحراك الجماهيري الايجابي عن مساره الطبيعي ليتجه إلى خدمة أهداف السياسة الأمريكية والغربية المتصهينة في الشرق الأوسط.

ان إشاعة الفوضى الخلاقة، وافتعال الأزمات لإشغال كل دول المنطقة(مع التركيز على اشراك النظامين التركي والايراني للقيام بادوار محورية في تنفيذ المخططات) وتبرز المهمة الاساسية والهدف الاسمى لهذه المخططات من خلال انهاء ما تبقى من صفحات القضية الفلسطينية التي تشكل نقطة التقاطع والتفاهم الوحيدة التي تتجمع حولها الارداة العربية ، والتي اجبرت اغلب الانظمة العربية قبل عقود على القبول بالتفاهم أو الشراكة العربية التي اصبحت الان شئ من الماضي

في العمل السياسي هناك قاعدة تؤكد إذا لم تكن لديك استراتيجية، فأنت بالتأكيد جزء من استراتيجية الآخرين وما يحدث الان في المنطقة من تقلبات وتشوهات ومواقف مثيرة للجدل ربما يجعلنا متيقنين ان هناك استراتيجيات صممت في دهاليز الاروقة الغربية الصهيونية وبرزت كجزء معلن مما طبخ لتنفيذه من المؤامرة، فواضح ان بعض الدول ليس لها استراتيجيات واضحة لإدارة سياساتها وشؤونها، او يوثقها اويعلنها، الامر الذي يؤدي الى مآلات لا يحمد عقباها كون ان غياب الخطط وعدم وضوح الأهداف ستجعل هناك تخبط في التنفيذ، وكثيرًا ما تسُتظهِر خطوات غير مدروسة وتختفي اخرى ربما كانت محسوبة فيصبح الرئيسي هامشي والثانوي رئيس 

أن ما يحدث في منطقتنا اليوم هو مزيج من استراتيجيات متنافسة ومتضاربة بين يدي الساسة الغربيين والمنظرين لهم ، فهو صدام الحضارات بالنسبة إلى الفكر الغربي والمفكرين الغربيين، ومؤامرة تحيكها القوى المادية والشركات متعددة الجنسيات وشركات السلاح والنفط والمؤسسات المالية الغربية.  

ربما ما تراه الامة العربية مؤامرة ضدها هو بالنسبة للغرب والصهاينة استراتيجية موثقة ومعلنة، وخطوات محددة ومبينة، وأن المسألة البالغة الاهمية هنا هي جهل صناع القرار وقلة اطلاعهم وجهلهم الحقيقة، ان الجهل وعدم الدراية بما يخطط له الآخرين هو تهديد للامة ومصيرها ووجودها سيما اذا ادركنا ان غيرنا يبني مواقفه على جهلنا وتخلفنا ويراهن على ما نعانيه من ضعف واستسلام.

 

 




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :