إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية
  • الرئيسية
  • تقارير خاصة

  • “الخطر القادم من الشرق” مجدداً للأردن: لماذا تجتهد أوروبا في تأمين الحدود مع العراق

“الخطر القادم من الشرق” مجدداً للأردن: لماذا تجتهد أوروبا في تأمين الحدود مع العراق


فرح مرقه - من الصعب إهمال التوق الأوروبي لحماية الحدود الشرقية للأردن خلال الأيام القليلة الماضية، بالتزامن مع لقاءات بين مسؤولي عمان وبغداد والاستعداد لمشاركة عراقية (ولبنانية) لأول مرة في محادثات استانا التي تستضيفها العاصمة الكازاخيّة نهاية الأسبوع المقبل.
فبعثة الاتحاد الأوروبي في عمان والوكالة الفرنسية للخبرة الفنية الدولية، أطلقتا الأسبوع الماضي مشروعاً لتعزيز قدرات الأردن على الحدود الشرقية، تزامنا مع تسليم العاصمة الأردنية أسلحة ألمانية تعوّض- على ما يبدو- الأسلحة التي اوقفها الكونغرس الأمريكي لعمان (بمعيّة الرياض وابوظبي) الأسبوع الماضي.
المشروع الأوروبي، الذي بلغ تمويله 6 ملايين يورو، هدفه المعلن تعزيز قدرة السلطات الوطنية على الاستجابة لأي تهديدات على الحدود الشمالية والشرقية من شأنها عرقلة الأمن الأردني (مثل تسلل الإرهابيين وتهريب الأسلحة والمخدرات)، كما سيسهم في استئناف حركة العبور الطبيعية بشكل مستدام عبر الحدود مع العراق وتحسين الاستجابة الإنسانية وحماية المدنيين.
ورغم ذكر الحدود الشمالية في الأهداف، الا ان المتابع لاحظ حديث السفيرين (للاتحاد وفرنسا) عن العراق باعتبارها الهدف المطلوب، ما يعكس من جهة قلقا من “خطر قادمٍ من الشرق” تفرضه طبيعة التصعيد في المنطقة، ومن جهة أخرى رغبة في تواجد أوروبي بصورة او باخرى بصورة العلاقات الأردنية العراقية والتي تمر مؤخراً بحالة استثنائية من الانتعاش والشراكة.
القلق الأوروبي على حدود الأردن الشرقية يعكس تقييمات استخبارية غربية تجلت في وسائل الاعلام – وأشار اليها موقع ديبكا الاستخباراتي الإسرائيلي- عنوانها تحول العراق لمسرح حرب بالوكالة من جديد بين ايران والولايات المتحدة الامريكية، والتقييمات تذهب أدق بالحديث عن صواريخ قد يتم استهداف القواعد الامريكية منها، او حتى استهداف السعودية منها كجبهة مساندة لجبهة الحوثيين.
التفسير المذكور يبين اكثر السبب الذي جعل الولايات المتحدة تعود بعد 16 عاماً على قاعدة الأمير سلطان السعودية شرقي الرياض بنحو 500 جندي من اصل 1000 جندي أعلنت واشنطن انها سترسلهم الى الشرق الأوسط، ورغم ان الرقم المتواضع (نسبة لبداية أي حرب) يعكس منطوق الرسائل الامريكية بعدم الرغبة بمواجهة عسكرية، الا ان احتمالات المواجهة تغدو اقرب بوجود الجنود المذكورين تحديدا في القاعدة سيئة الصيت بالنسبة للعراقيين.
فقاعدة الأمير سلطان بن عبد العزيز كانت منطلقا للقوات الأمريكية في حرب الخليج 1991 وفي غزو العراق 2003، أي ان مجرد إعادة الجنود الأمريكيين اليها سيحفز الذاكرة المرهقة للحرب، وبالتالي يسهل تحول العراق الى جبهة جديدة.
تحركات واشنطن تزامنت تقريبا مع إعلان الدوحة افتتاح قاعدة الظعاين البحرية بمنطقة سميسمة، أكبر القواعد القطرية لأمن الحدود البحرية قبالة إيران، وذلك في إطار إجراءات تتخذها الدوحة لتعزيز أمن سواحلها وحدودها.
بهذا المعنى يبدو ان هناك رغبة غربية في تحييد عمان عن مشهد تبدو الرياض وبغداد مرشحتين محتملتين بقوة لتلقف نتائجه، لذلك فإن ضمان امن الأردن (ومن خلفه إسرائيل) في أي انفجار في المنطقة، مهمة ينفذها الأوروبيون اليوم بهدوء، ضمن إجراءاتهم الاحترازية لتصاعد التوتر في الخليج بين الولايات المتحدة وإيران، خصوصا مع الترويج الامريكي لتحالف دولي من المفترض له ان يحمي المضائق البحرية.
الفكرة الأخيرة من شأنها أن توتّر الخليج أكثر وتزيد احتمالات المواجهات، وهنا حماية الشرق تكمن في حماية عمان من تداعيات أي حرب مع ايران قد تنعكس على العراق بما في ذلك تحول عمان لبلد عبور مع اسرائيل، بالإضافة للتنبه لان خلايا تنظيم الدولة قد لاتزال نائمة ولكنها موجودة هناك.
القلق يتزايد مع التذكير بان القاعدة الامريكية “عين الأسد” والتي تقع في منطقة الانبار غرب العراق (أي شرق الأردن)، تشهد تحركات أمريكية وإعادة تموضع الجنود والعدة والعتاد، مع تهديدات “داعشية” إضافية في المناطق المحيطة بقاعدة عين الأسد تحدثت عنها وكالة الانباء الصينية “شينخوا”.
كل هذا القلق الغربي على الحدود الأردنية الشرقية يبدو مبرراً، بينما لا أحد يريد التساؤل عن المخاطر الحقيقية التي قد تضر بعمان سواء المخاطر الاجتماعية البنيوية من أزمة جديدة يتسبب بها تصعيد امريكي هائل على الحدود، أو تلك الاقتصادية بعد عودة تدريجية للعلاقات الاقتصادية، وتحديدا بعد بدء الحديث عن تصدير للنفط العراقي للاردن وتصدير الكهرباء من عمان لبغداد.
بكل الأحوال، توقع التداعيات على الحدود الشرقية للاردن لا يضمن لعمان امنها في الغالب، حيث العبور العراقي السوري وبالتالي الى الأردن لن يكون صعبا الا لو قررت الولايات المتحدة ان تسحب قرارها الانسحاب من سوريا وتعيد جنودها الى قاعدة التنف التي انسحبت منها لتزيد منسوب التناقض في الإدارة الأمريكية بين القول والفعل من جهة وتزيد منسوب التوتر في المنطقة اكثر.
الأهم، ان عمان لا تزال تتخذ موقف المراقب للمشهد المتوتر شرقا (وجنوبا) بينما لا تعلن أي إجراءات حقيقية اكثر من استقبال الخطة التي تعدها لها الدول الأوروبية، وتغيب عنها نسبيا، أو لا تتصدرها الولايات المتحدة، وغياب واشنطن بحد ذاته قد يشكل عامل طمأنة لعمان هذه الأيام.
كل ذلك لا ينفي ان عمان بحاجة حقيقية لخطة تدير المخاطر المحتملة في مثل هذه الظروف، فالوضع الأردني كما هو عليه اليوم من الصعب ان يحتمل المزيد من القلق قبل حتى الحروب او الدمار او الفوضى.

رأي اليوم




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :