إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

“أفضل مما كانت” .. رسالة عودة العلاقات الأردنية القطرية بسفيرين “فوق العادة”


فرح مرقه - تعيد عمان علاقتها بقطر “أفضل مما كانت عليه” باعتبارها تسمي “سفيراً فوق العادة ومفوّضاً”- وهو واحد من ارفع المناصب الدبلوماسية التي يحظى بها سفير- للدولة الصغيرة المطلّة على الخليج، في خطوة ليس من السهل ربطها فقط في “مناكفة” مقاطعي قطر وتحديدا السعودية والتي لا يمثل عمان فيها سفير “فوق العادة” بكل الأحوال.
وصدرت الإرادة الملكية بتعيين الدبلوماسي العريق زيد اللوزي أمين عام وزارة الخارجية الأردنية سفيرا في الدوحة في الوقت الذي صدرت فيه تزامناً إرادة ملكية بالموافقة على ترشيح قطر للشيخ سعود بن ناصر بن جاسم آل ثاني سفيرا لها في عمان.
ورغم ان التقارب المذكور يبدو منهيا عصرا من القطيعة حيث لم يمثل عمان في الدوحة سفير منذ بدء المقاطعة الخليجية قبل عامين، الا ان الأردن عمليا لم يقطع علاقاته مع الدوحة، حيث استمرت الزيارات وتبادل الآراء الامر الذي شهد دفعة قوية منذ الاحتجاجات العام الماضي، ومساهمة قطر في الاقتصاد الأردني.
يأتي ذلك رغم ان عمان اقتصاديا تحديدا لا تزال تذكر ان قطر لم تدفع حصتها من المنحة الخليجية التي كانت مقررة بداية العقد الحالي ضمن مساهمة خليجية مشتركة في الاقتصاد الأردني.
بالعودة للسفير وصلاحياته، فإن من المعروف دبلوماسيا ان السفير الحاصل على مرتبة “فوق العادة ومفوض” لن تقتصر مهامه على الدبلوماسية العادية، بل تتجاوزها لمهمات أوسع يمثّل فيها حكومة بلاده داخل قطر، وهي ذات الرتبة التي يحملها السفير القطري الجديد في الأردن؛ وهذا الامر علاوة على كونه يتجاوز التمثيل الأردني في كل دول الخليج على الاغلب، يظهر ان عمان تستدير عمليا نحو محور قطر تركيا أكثر وتقترب منه بدرجة واضحة.
الأردن يقول انه يعيد العلاقات مع الدوحة افضل من السابق بوضوح بتبادل سفيرين بهذا المستوى والحجم، ولكنه لا “يستعرض” إعلاميا بالخطوة، فمن تابع الاعلام الأردني يدرك جيدا ان عمان قررت تمرير الخبر بأضيق نطاقاته، وهو الامر ذاته التي فعلته قطر بكل الأحوال اذ اقتصرت التغطية الإعلامية على نطاق الخبر.
الامر على الاغلب يتجاوز مناكفة الاشقاء في الرياض تحديدا، اذ ان متابعة المهام التي يضطلع فيها اللوزي (كان سفيرا في إيطاليا ثم امينا عاما لوزارة الخارجية) قد يحمل في طياته العديد من التفصيلات التي يريد الأردن ان يشارك فيها مع الدوحة على المستوى الدبلوماسي على الأقل، خصوصا والأخيرة اليوم تعد صاحبة بوابة الجنود الأمريكيين في الخليج من جهة والمقربة من ايران وحماس من جهة أخرى الى جانب دورها في ليبيا ومحادثات أفغانستان والاهم الملف الفلسطيني برمته. كل هذه الملفات إضافة لملف الاخوان المسلمين ترى عمان انها بحاجة للاقتراب منها أكثر إلى جانب حماية مصالحها ومصالح مغتربيها في الدوحة التي تتزايد منذ العام الماضي.
وشهد العام الماضي فتح مجال كبير لتوظيف الأردنيين في قطر، إذ سارعت الدوحة لفتح منصة خاصة هدفت لتوظيف الأردنيين تزامنا مع تقديمها مساعدات للاردن ابان الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بحكومة الدكتور هاني الملقي.
كل ما سبق، ومع تذكر ان السفير الجديد يمتلك صلاحيات موسعة، يجعل عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ورفعها لمستوى “فوق العادة” من شأنه ان يقلل عمليا الانفعالات ضد الأردن في المنطقة كلما زار مسؤول قطري عمان او كلما حصل العكس باعتبار اللوزي قد يفي بغرض هذا التواصل.
بهذا المعنى يمكن متابعة السفير الأردني في قطر على مستويين أولهما انه يأتي في ضوء التباعد مع الرياض فعلا، وذلك امر ليس من السهل انكاره او اغفاله، خصوصا في ضوء الجمود الكبير الحاصل في العلاقات، الى جانب مستوى اخر هو التقارب مع تركيا مع الحفاظ عل مسافة محسوبة بعيدة عن السياسة الانفعالية في الشرق الأوسط في مرحلة تشهد سيلا من التوترات التي يمكن منها قراءة ارهاصات حروب مختلفة، أهمها تلك التي تدفع بها واشنطن (مدفوعة بإسرائيل والرياض) ضد طهران.
البعد عن السياسة الانفعالية، يتطلب من عمان الحذر مجددا حتى في الاقتراب من تركيا التي لا تقل أحيانا في انفعاليتها عن الرياض بملفات أخرى وقد يكون لموقفها في ليبيا دلالات كبيرة كما في تعاملها مع الملف السوري، وبذلك لا تزال قطر الاهدأ والاضمن في الحلف المذكور.
رغم كل ذلك، لا تزال أسئلة متعلقة بالدبلوماسية الأردنية حائرة عمليا، خصوصا في سياق الفعل الأصلي الذي تقرر فيه سحب السفير الأردني وتخفيض تمثيل اقطر في عمان، ومثل هذه المواقف تتخذها عمان بين وقت واخر محاباة لموقف على اخر ولغايات انفعالية تبدو غير مراعية للمصالح الأردنية العليا ولا مفهوم السيادة وفق مراقبين كثر، الامر الذي يضطرها لاحقا للتعويض بارسال “سفير فوق العادة” لقطر بينما يمثل مصالحها في الدول الاسكندنافية سفير غير مقيم يدير الملفات من العاصمة الألمانية برلين.
بكل الأحوال، وبعد عودة العلاقات مع قطر، يبدو ان عمان بات من الضروري لها ان تعيد النظر في العلاقات مع ايران أيضا رغم التوترات الكبرى في المنطقة ولو على الأقل في سياق اعتماد الترشيح المقدم من طهران لسفير جديد يخلف مجتبى فردوسي بور الذي انهى مهمته؛ رغم سياق التوترات الكبير المحيط بالعلاقات الإيرانية الخارجية.

رأي اليوم




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :